هل يمكن للديموقراطيين، والمؤمنين بحقوق الإنسان أن يخجلوا من الموقف الرافض لتوسيع آليات المينورسو في قضية حقوق الإنسان؟ هل يمكن أن يشعروا بالحرج، ما بين انتمائهم إلى القضية الترابية ووحدتها، وبين الإيمان بالحقوق في أبعادها الإنسانية الشاملة؟ هل نحن بالفعل، كما تلوح إلى ذلك بعض المواقف والبيانات والكتابات، أمام مبدأ شكسبيري، يضعنا موزعين ومنشطرين بين الحق الوطني وبين الحق الإنساني؟ سيكون الأمر كذلك، إذا ما حافظنا للقضية على التباسها الصريح أو الضمني، العمدي أو العفوي، والذي لا يفصل بين مسألة تولي المينورسو للقضية الحقوقية في الصحراء، وكل أبعادها بخصوص الحل في الصحراء، وبين القضية الحقوقية في بعدها الوطني. وبعبارة أخرى، القضية الحقوقية في الصحراء، ليست هي قضية الحقوق الإنسانية في الصحراء بيد المينورسو. وبجملة أوضح، فإن طرح القضية بضمير حقوقي إنساني، لا يعني بالضرورة طرحها على يد المنيورسو! في قضية المينورسو، نعرف أن القضية مطروحة على أساس أنها مواصلة الحرب الاستراتيجية، بأدوات حقوقية. وكان التقدميون والوطنيون، وعلى رأسهم الفقيد بوعبيد، يدرك أن هذا النوع من الحرب يكون فيه المغرب خاسرا. ولهذا، كان يردد كلمته البليغة: علينا أن نكون صفا واحدا، ولكنه صف متحرك: متحرك بالحقوق، بالكف عن تزوير الانتخابات وقتها، وصناعة التعبيرات السياسية الإدارية .. نتحرك بالقدرات الديموقراطية، باحترام المؤسسات بالمشاركة في صناعة القرار .. الخ. وهذا الموقف سيظل هو المتحرك في بناء صوت المغرب وصورته. وقد جرب المغرب، أنه كلما كانت صورته الديموقراطية مقنعة عالميا، كلما كانت صوته الوطني الوحدوي مسموعا. وليست المرة الأولى التي نقول فيها كلاما من هذا القبيل. ولن تكون الأخيرة، أيضا، لأن المطلوب هو أن تكون لنا اليوم مسافة متقدمة في تفعيل بنود الدستور، وتقوية العصب الحقوقي، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا في تدبير العلاقة بين الدولة والمجتمع، في الصحراء وما بعد الصحراء. ومازال المغرب الحقوقي، مسألة جوهرية في مغرب الوحدة الترابية وبناء أدوات الاقتناع والإقناع . ومازال ضرورة وطنية، قبل أن تكون ضرورة خارجية !! ومازالت أمامنا خطوات عملية إجبارية لبناء الثقة، وتكريس ثقافة المصالحة، ليس في الصحراء وحدها، بل في عموم البلاد التي عاشت أثار غياب الحقوق.. لهذا، لا يمكن القبول بالمزايدة في هذا الجانب. فمن يريد أن «يلغم» هذا المنحى بإدراج المينورسو كجسر ضروري وكمعبر اضطراري لذلك، إنه لا يميز بين حق الصحراويين في العيش الكريم، وفي الإنصاف وفي التعامل الشريف، بين حق البوليزاريو في استخدام الأممالمتحدة للوصول إلى الانفصال!! هناك خلط لا يمكن أن يؤسس للفهم في قضية مصيرية في البلاد. كما أنه خلط يريد أن يعيد النظر في مهام المينورسو ضدا على اتفاق الأطراف منذ 1991، عند دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. هناك من يريد أن يقنعنا بأن الحق الوحيد للمغرب هو حقه في حزم حقائبه والتنازل عن ما حققه بموجب هذا الاتفاق، ومغادرة البلاد، لكي تصبح الصحراء «بستان الانفصال». هذا ما كتبناه في اكتوبر 2012 يثبت، في كل لحظة، أن القضية الحقوقية في المغرب مازالت قائمة، وتنتظر الاستكمال. وأنها ذات تشعبات كبيرة وخطيرة، تصل، في أحيان كثيرة، إلى درجة الفاعل الاستراتيجي في الدفاع عن الوحدة الترابية. فالمغرب اليوم ينتظر قدوم المقرر الأممي في شؤون التعذيب. ومن المتوقع أن يزور أماكن الاعتقال وأماكن، يفترض دوليا أنها تكون بؤرا لتفكيك إنسانية الإنسان وتعطيل دولة الحق والقانون، كما هو شأن المعتقلات والسجون ...الخ. وفي الوقت ذاته يلتئم المجلس الوطني لحقوق الإنسان باستمرار حول قضايا شائكة أو «عادية» تهم الملف الحقوقي في بلادنا، بل يمكن القول إن مهامه تزداد اتساعا وتنوعا مع إدراج الحقوق الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والإنسانية الصحية..، كما هو حال الندوة التي نظمت يوم أمس. وفي نفس الوقت، كانت زيارة السيدة كيري إلى أقاليمنا الجنوبية، ثم من بعد إلى مخيمات تندوف العارية من أي حق، مناسبة لكي تعود القاعدة الحقوقية أو السياسية الحقوقية إلى الواجهة، في ملف رئيسي وجوهري، هو موضوع وحدتنا الترابية، وكان علينا أن نخوض المعركة الإعلامية والحقوقية والديبلوماسية الضرورية، ونتعامل بالميزان مع الزيارة، الشيء الذي يثبت قوة التيمة الحقوقية في مغرب اليوم والغد، وقوتها، أيضا، في ملف استرتيجي كبير من حجم استكمال الوحدة الوطنية. وفي الموضوع ذاته، اعتبرنا كون الأمين العام للأمم المتحدة، بان كيمون، يصرح في مكالمة مع ملك البلاد، أن المينورسو لن تتولى الملف الحقوقي، هو انتصار كبير، حتى ولو ظلت قضية روس في العتمة وفي المنزلة بين المنزلتين، الذهاب أو البقاء. ذلك لأن القضية الجوهرية ليست في بقائه أو ذهابه (فقد يأتي من هو لا يخاف الحق ولا يرحمنا)، بل في إسقاط مهمة المراقبة الحقوقية من إدارة المينورسو لمهمتها في الصحراء. وهذه القضية وحدها تعكس قوة ومركزية المسألة الحقوقية في بلادنا وفي الراهن المغربي. ونحن اليوم، أيضا، أمام قضية المصالحة الوطنية في شقها المتعلق بقضية الاختطاف والاختفاء، لا سيما في قضية الشهيد حسين المانوزي، والشهيد أيت اوزايد.. وحسب المعطيات التي حصلنا عليها (انظر ص3)، فإن الوكيل العام سيستمع إلى الجنرالين بنسليمان والعنيكري والكوميسير يوسفي قدور في القضية باعتبارهم شهودا. وسيكون ذلك انتصارا للمغرب على مخاوف الإدارة والأشباح القابعة في مطويات التاريخ النفسية والسياسية. وسيقوي لا محالة القوة الدفاعية والهجومية للمغرب في الملف الحقوقي برمته. لقد رأينا حيوية المغرب الحقوقية من خلال نشاط جمعياته ومنظماته وانتشار الثقافة الحقوقية في معالجة القضايا الرئيسية، وانحياز المغاربة إلى هذه الثقافة - حتى وإن رأى البعض أنها مبالغة - لا يمكنه إلا أن يخدمه ويصلب مناعته، ومواقفه دوليا وإقليميا. المغرب الحقوقي، ليست مقولة إعلامية، فنحن من بين البلدان القوية التي أصبح صوتها مسموعا، لأننا استمعنا إلى صوت الحقوق، ثقافة الحقوق وأصوات الحقوق.. 4/22/2013 ينشر عمود كسر الخاطر في كود باتفاق مسبق مع الكاتب