ودعنا يوم أمس أحد رجالات هذا البلد الأفاضل، رجل ما عرفنا عنه إلا كُل التقوى والورع والقرب إلى الله والسعي للإصلاح أينما حل وارتحل، ذلك الرجل الذي عرفناه بهدوئه المعهود وبصيرته وحكمته، فكان خير من يصدح بكلمة الحق، وخير من يسعى لنهضة بلده وأمته. "الرجل الحكيم"، بهذه العبارة يصف أعضاء العدالة والتنمية الأستاذ عبد الله بها نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي يحظى بمكانة خاصة لدى عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، ورئيس الحكومة، الذي لا يخلو حديثه من الاستدلال بأقواله عبد الله بها، وهو الذي رافقه منذ منتصف السبعينيات وعاش معه مختلف التحولات الفكرية التي طرأت على بنية العقل الحركي الاسلامي في مراحل التأسيس الاولى، وواكب معه مرحلة البناء التنظيمي والاختبار العقدي للأفكار عبر مجموعة من التموجات والتمظهرات ، وعبر العديد من الانتصارات والانكسارات، لتتوج الرفقة بتجربة ريادة التحول الديموقراطي في هذا البلد الامين، عبر ما كان يحلو له أن يسميه في حياته بصيغة المغرب في التغيير ضمن منظومة الاستقرار والاستمرار. يعتبر الأستاذ عبد الله بها، مرجعا أساسيا يعود إليه الجميع في الحزب عند حدوث خلافات تنظيمية أو سياسية، نظرا لما يتمتع به من حكمة وصبر وبُعد نظر، فقد عرف عنه أنه هادئ الطبع ويفضل الابتعاد عن دائرة الضوء والعمل كواحد من جنود الخفاء. النشأة والمسار العلمي والعملي ينحدر عبد الله بها، من عائلة سوسية، رأى النور سنة 1954 بمنطقة أفران (الأطلس الصغير) بإقليم كلميم، وتابع دراسته الابتدائية بمجموعة مدارس إفران بمسقط رأسه، وحصل على شهادة الباكالوريا في العلوم الرياضية سنة 1975 بثانوية يوسف بن تاشفين بأكادير، وبعد ذلك تابع تكوينه العالي بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، حصل على دبلوم مهندس تطبيق في التكنولوجيا الغذائية سنة 1979، وشغل منصب مهندس باحث بالمعهد الوطني للبحث الزراعي بالرباط (1979)، وكاتب عام لصندوق الأعمال الاجتماعية للبحث الزراعي، وعضو مكتب جمعية مهندسي البحث الزراعي (1987)، واشتغل أستاذا بالمعهد ذاته منذ تخرجه إلى غاية سنة 2002. المسار السياسي والدعوي تقلد الأستاذ عبد الله بها في مساره السياسي منصب عضو الأمانة العامة لحزب الحركة الدستورية الديمقراطية منذ 1996، وشغل منذ سنة 2004 منصب نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إلى أن توفاه الله يوم أمس الأحد. شارك الأستاذ عبد الله بها، بعد تزكيته من طرف هيئات الحزب، في انتخابات 2002 بمقعد انتخابي بدائرة الرباط-شالة سنتي 2002 و2007، بينما لم يقدم ترشيحه في الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011، كما شغل منصب رئيس لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب ما بين 2002 و2003، ورئيس فريق العدالة والتنمية من سنة 2003 إلى غاية 2006، واختير نائبا لرئيس مجلس النواب في الفترة الممتدة من سنة 2007 إلى سنة 2008. وشارك عبد الله بها في العديد من المحطات السياسية والدعوية، خاصة في حركة الإصلاح والتجديد، ثم حركة التوحيد والإصلاح، قبل تدشين مسار الانضمام إلى حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية مع عبد الكريم الخطيب في نهاية عقد التسعينيات من القرن المنصرم. تشهد لعبد الله مجموعة من المقالات والدراسات التي كان ينشرها في جريدة (الإصلاح) التي كان رئيس تحريرها، تحت عنوان "سبيل الإصلاح"، بأنه لم يتخلف عن التنظير والإسهام في مجال التأليف والبحث، فضلا عن مداخلاته العديدة في الندوات والملتقيات من خلال تمثيله لحزب العدالة والتنمية، وأيضا بمؤسسة البرلمان، وفي عدد من المؤتمرات الوطنية والدولية. متزوج وله أربعة أبناء.