ما شك ان فيلم نور الدين لخماري "زيرو" الذي عرض امس الخميس سادس دجنبر 2012 في قصر المؤتمرات بمراكش ضمن أفلام المسابقة الرسمية للدورة 12 من مهرجان مراكش الدولي للفيلم سيثير نقاشا ربما غير مسبوق في المغرب. لن يقتصر النقاش حول موضوع الفيلم : الفساد المستشري في قطاع الأمن بالمغرب أي في اهم جهاز في النظام المغربي، لن سيتعدى ذلك إلى جوانب فنية وتوظيف اللغة ومدى حبكة السيناريو وأشياء أخرى الفيلم الذي يحكي عن شرطي فاسد يدعى زيرو بمدينة الدارالبيضاء لكنه ليس بحجم فساد مرؤسه في الجهاز نفسه. البوليس أشبه بمافيات ترعى كل أنواع الفساد، فيلم اسود اتخذ له "بطلا نقيضا". تقديم صورة سوداء عن هذا الجهاز قد يحتل واجهة النقاشات، لكن هل ما اعتبره المخرج نور الدين لخماري بالعلاج بالصدمة" كاف لاعتبار هذا الفيلم الذي يستحق عن جدارة المشاركة في المسابق الرسمية للمهرجان رائعا واستثنائيا؟
الفيلم امتلك الجرأة في اختيار الموضوع او ما وصفه المخرج "دعوة إلى التضحية والتساؤل والقيام بنقد ذاتي والسعي الى تحفيز الناس وحثهم على مواجهة الحقيقة والتأمل في أوضاعهم بشفافية وتجرد ومواجهة اختلالاتهم وعيوبهم بجرأة والكف عن إخفاء رؤوسهم في الرمال".
لكن النقد الذاتي يفترض امتلاك وسائل لفهم أعمق لهذا الواقع، فالتحكم في كل ما هو تقني لا يعطي بالضرورة فيلما سينمائيا قويا، كما ان ما قدمه لخماري ليس بالجديد على السينما العالمية. سينما نيويورك والسينما اليابانية خاصة مع طاكيشي كيتانو (الذي سبق ان نال جائزة في مهرجان مراكش) تناولت بعمق أكبر موضوعا مماثلا لما تناوله لخماري.
ما افتقد اليه "زيرو" هو الصدق، لم يستطع المخرج كاتب السيناريو بلوغ ذلك فجاء فيلمه أشبه بلوحة فنية بلا روح أو بروح مزورة مزيفة.
العمل الفني ليس كما قال لخماري "نقل الحقيقة كما هي" بل تقديم رؤية ذاتية صادقة لهذا الواقع، لكن هذا الأمر يقتضي فهم هذا الواقع بعمق أولا