بشغف كبير على استعمال التكنولوجيا العصرية، وعلى الرغم من حداثة سنهم وتبوئهم مهام تسيير مقاولاتهم الخاصة، عمل جيل من المقاولين الشباب المغاربة الذين شاركوا في القمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال التي انعقدت في مراكش من 19 إلى 21 نونبر الجاري، على استكشاف شكل جديد للمقاولة بالمغرب يعتمد على الإبداع والابتكار. بعيدا عن البحث عن وظيفة أو منصب شغل تقليدي، فضلت هذه الشريحة من المجتمع المغربي، المضي قدما نحو تحقيق طموحها ورفع التحدي بالاعتماد على كفاءاتها من أجل إحداث مقاولة خاصة بها يكون رصيده الأساسي الابداع والابتكار. وفي هذا الصدد، أكد عدد من المتدخلين في النقاش الرفيع المستوى للقمة العالمية لريادة الأعمال، أنه ليس هناك وقت أفضل من هذا العصر للاستثمار وإنجاز المشاريع في مجال التكنولوجيا الحديثة، التي تعتبر قطاعا في نمو مطرد، حيث هناك تقليص في الأعباء والتكاليف بفضل الخدمات اللامادية، ووفرة الحواسب، والخدمات، واستعمال تطبيقات مبتكرة التي تشكل نوعا جديدا من التجارة والاستهلاك في القرن ال21. وبفضل كل هذه الإمكانيات، استطاع عدد كبير من الشباب المغاربة، الرجال والنساء، تحقيق الخطوة الأولى وتحمل مسؤولية في مقاولتهم الناشئة، التي يمكن أن تتحول، مع مرور السنوات وتعاقب فرص النجاح، إلى مقاولة كبيرة على الصعيد الوطني ولما لا الدولي. وعمد الشاب سفيان الكراوي، الذي لم يتجاوز عمره 22 سنة، على ربط لقاءات واتصالات بالقرية المخصصة بالإبداع في القمة العالمية لريادة الأعمال 2014، لتقديم مقاولته والبحث عن شركاء محتملين وآفاق لتنمية مشروعه. ويتمثل مشروعه، الذي أعده برفقة شريك من مستوى عمره، في تطبيق الأنترنيت" ميكادو" ( هداياي). وأوضح سفيان الكراوي أن مشروعه المتموقع في كل من القطاع الخاص والمهنيين، يقدم خدمة متعددة، تعرض لائحة للهدايا الخاصة بالزواج، وأعياد الميلاد، والاحتفال بالمواليد الجدد، علاوة على كونه يعد مصدرا للأفكار الخاصة بالهدايا، وتقديم مجموعة من الاستشارات من قبل خبراء، وتوفير الاتصال بالمهنيين في مجال الاحتفال بالمغرب. وأشار إلى أن هذا المشروع حصل على مجموعة من الجوائز سواء على الصعيد الوطني (أفضل موقع للتجارة الالكترونية للسنة بالمغرب)، أو على الصعيد الدولي (جائزة دقة قلب للجمهور، في إطار منافسة عرب نيت بالرياض). أما الشاب ياسين زياد، أحد مؤسسي مشروع " شيبلاي" (اللعبة المربحة) الذي كان ضمن نهائيات جائزة "الابتكار العالمي عبر العلوم والتكنولوجيا)، التي نظمتها الولاياتالمتحدةالأمريكية لتشجيع والتحفيز على الإبداع وروح المقاولة لدى الشباب في ميدان التكنولوجيا الحديثة، فأبرز أن مشروعه يروم خلق قنوات، من خلال تطبيق الأنترنيت، بين الشخصين : مسافر وشخص يريد إرسال طرد بريدي أو علبة، موضحا أنه تم التركيز في المرحلة الأولى على محور المغرب – فرنسا، لأهمية حركة المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج، وأن المشروع يغطي حاليا مختلف الوجهات عبر العالم. وقال إن فكرة هذا المشروع بسيطة، حيث أن المسافر والشخص الذي يريد إرسال طرد بريدي يتفقان على ثمن هذه الخدمة وأن الموقع يحصل على العمولة عن هذه الصفقة، مشيرا إلى أن الصيغة مستمدة من مفهوم الاقتصاد التعاوني الذي أصبح متعامل به حاليا وبشكل كبير على شبكة الأنترنت. وبالنسبة للشاب عثمان بنمالك، أحد مؤسسي مشروع "طاكسي" الذي يقدم أول تطبيق لحجز سيارة الأجرة عبر الانترنيت بالمغرب، فأوضح أن المشروع يرتكز على تطبيق الهواتف الذكية الذي يوفر للزبناء إمكانية طلب سيارة أجرة. وأضاف أنه لم تطرح أي مشكلة في إيجاد شركاء وإقناع المستثمرين، وأن المشروع يغطي حاليا مدينتي الدارالبيضاء والرباط، وأن القائمين على هذه المبادرة يتطلعون إلى توسيع خدمات المشروع لتعم مدن أخرى. من جهة أخرى، كان للفتيات نصيب في ميدان الإبداع والابتكار بهذه القمة العالمية لريادة الأعمال، إذ أن الشابة دينا برادة، صاحبة مشروع هو عبارة عن فضاء ثقافي لنقل المعرفة عبر ورشات، مرتبطة بالمهن البصرية والسمعية، لفائدة الاطفال، والفتيان والكبار. وقالت دينا برادة إن فكرة المشروع تكمن في خلق انسجام بين عالم الفنون والمال من خلال تطوير ما يسمى ب" الهندسة الثقافية"، وهو أيضا، فضاء مخصص لاستكشاف المواهب الشابة في الميدان السمعي البصري، من خلال تظاهرات تروم خلق علاقة بين هؤلاء الشباب الواعد مع شركاء ومستثمرين محتملين. تجدر الإشارة إلى أن مشروع دينا برادة حاز على الجائزة الثانية التي منحتها مؤسسة التجاري وفابنك، خلال اليوم الخاصة بالنساء المقاولات في القمة العالمية الخامسة لريادة الاعمال، وذلك في إطار برنامجها الخاص بدعم الشباب المقاول، وشراكتها مع جمعية النساء رئيسات المقاولات بالمغرب. وشكلت قرية الإبداع بالقمة العالمية الخامسة لريادة الأعمال، التي انعقدت بمراكش، فضاء رحبا التأم فيه هؤلاء الشباب حاملي المشاريع المبدعة والواعدة التي توجد في مرحلة الانطلاق والتي تبحث عن سبل تنميتها وإيجاد شريك لها لتعزيز مكانتها. ويوجد أغلب هؤلاء الشباب المقاول في بداية مشوارهم المهني، وأن كثيرا منهم لم يصل بعد الى مرحلة قياس المردودية واستخلاص الربح، لكن الأكيد أنهم على الطريق الصحيح، مقتنعين بأهمية المثابرة وجدوى مشروعهم وثقتهم في المستقبل، الذي يعملون على رسم معالمه بإرادتهم القوية وبمبادراتهم وبالتفكير بشكل مختلف.