أعجبني مقالك زميلتي فاطمة الإفريقي المعنون ب" في رثاء مقال ممنوع" الصادر بجريدة "أخبار اليوم" ليوم الخميس 8 نونبر 2012، فلم ترتعش حروفك بين يدي كما ختمت به مقالك بقدر ما ارتعشت يداي بين حروفك، وتساءلت أي مقال لك منع؟ وأين منع؟ إن منع على الورق بوطننا، فلك الف باب على صفحات جرائد عالمية أوعلى شبكة الأنترنيت لنشره فكما يقول المثل المغربي" للي عندوا باب واحد الله اسدو عليه". الجرأة لا يمنعها مانع ولا حدود لها. لست قلما مأجورا، أنا متفق معك سيدتي حد التخمة، فلنكن بعيدين عن لغة البلاستيك أما اللغة الخشبية فقد تجاوزها التاريخ كمصطلح تم تداوله كثيرا حتى فقد بريقه، كفى من تلويك الكلام، أطلب والطلب قلما ينفد، أن تكوني درسا في حرية الكتابة لا مصيدة للعفويين، إلهة صوت الحق، لا شاعرة تبكي على أطلال الكلمات، فمن هم الطغاة؟ افضحي فسادهم، بدون نعامة الكتابة، سمي الأشياء بمسمياتها، نحن في حاجة الى الف امرأة من أمثالك. نعم الكتابة حرية لكن أية كتابة؟ فمن يريد معانقة الحرية لا تهمه القيود والأغلال ولا قطع الأرزاق فالرزق من عند الله، مللنا من سماع سمفونية العفاريت والتماسيح ووو، الكل في هذا الوطن يركب كلماته ليهرب بها الى حيث اغتيال الحرية، نعم الحرية مغتالة، مغتالوها هم الذين يكتبون عنها، الحرية تقتضي منا أن نموت ونحيا ألف مرة علنا نتذوق طعمها، فمهما كانت الكتابة فلا تصنع الحرية بقدر ما تصنعها الدماء، الحرية تجرد من النرجيسية والأنا وتقديمها فداء للشعب والوطن. وطننا في حالة احتضار يفضي الى الموت، لم يعد لنا مفكرين ولا منظرين ولا سياسيين ولا فلاسفة ينظرون الى ما يقع حولنا، أمر حولنا الى عبدة أصنام، أصنام شلت تفكيرنا، فهل يتحول هؤلاء العبدة الى ثوريون؟ الأمر بالغ في التعقيد لأنه يحتاج الى رسول وكتاب جديدين، يشرعنون عملية تدمير الأصنام من أجل مجتمع بدون صنم، مجتمع مستقل فكريا عن الوضع التقليدي المتوارث المكبل للفكر والمحد من قدراته على التمرد عليه، مجتمع ينشغل بالواقع ليصنع المستقبل، الأمر صعب لأن المفكر مات ونحن قطيع ترعانا رعاة القرون الوسطى. وختاما أقول ما قاله البطل عبد الكريم الخطابي ردا على المفاوضات مع المستعمر قال:" من سوء الحظ أنني عشت لأرى أفكاري هذه تشتت، ولأشهد مصارعها واحدة تلو الأخرى، فقد دخلت الإنتهازية وحمى المتاجرة في قضيتنا الوطنية...، قد تعذبت كثيرا وأنا أرى أنني لا أستطيع المضي في هذا الطريق الملتوي فانسحبت وقطعت كل علاقاتي".