بالأمس القريب كنا ننكر على الوزير الأول السابق صمته و تواريه عن الإعلام، و شح تعليقاته و توضيحاته، و اليوم لا تمر مناسبة حتى يطل علينا السيد رئيس الحكومة بجديده فبتنا لا نفرق بين هزله و جديته، لم نعد ندرك إن كنا أمام بنكيران رئيس الحكومة أم بنكيران ... وآخر ما أتحفنا به رئيس حكومتنا هو ما جاء على لسانه في حواره مع قناة الجزيرة و الذي صرح فيه بما يلي " أنا جاي أصلح شؤون دولة، ولا جاي أقوم بعمل نساء الحمامات اللواتي كل واحدة تجر شعر الأخرى"، تصريح يعتبر بمثابة إهانة و إسائه لكرامة النساء و تمييز نمطي، لم يفارق بعد مخلية السيد رئيس الحكومة، على اعتبار ان النساء لا زلن في مرتبة دنيا (مواطنين من الدرجة الثانية)، تصريح كشف و بما لا يدع مجال للشك درجة إيمان السي بنكيران بمشروعية القضية النسائية. إن يما يحز في النفس هو هذه اللغة الخشبية الجافة التي أصبح يخاطبنا بها السي بنكيران، و هو الذي كان بالأمس القريب كثير التودد و التلطف للنساء بوعوده العسلية، علما أن الحركة النسائية كانت و لا زالت تفتخر بعصاميتها و استقلا ليتها، و هنا لابد أن نذكر السيد بنكيران بجملة أخطائه في حق هذه الحركة: أولا : تشكيلة حكومية يتيمة من النساء إلا من امرأة واحدة، أو كما سميتها يتيمة عقد الحكومة، فشكل هذا أول خرق لمقتضيات دستور 2011 الذي نص على مبدأ المناصفة، فامرأة واحدة لم تكن لتعبر عن انتظارات الحركة النسائية المتطلعة لجني ثمار نضالها، و نحن هنا لا نقلل من شأن المرأة (الوزيرة) بل نرأف لحالها و هي لحد الآن لم تتخلص بعد من جلباب العدالة و التنمية رغم انها تمثل كل المغربيات. ثانيا : وعدت فأخلفت، و عدت عقب تنصيب الحكومة و في قبة البرلمان بتعديل وزاري يكون للنساء مكان فيه، وبتمكين النساء من شغل مناصب مهمة في هرم الدولة، و لحد الآن لم نسمع أو نرى أثر لأي تعديل وزاري، وليكون ردكم السيد رئيس الحكومة بتعينات الولاة و العمال و رؤساء المصالح التي أتت خالية من النساء. ثالثا : خرجات إعلامية مسيئة للنساء حاطة من كرامتهن ، فما نطق به السيد رئيس الحكومة في حق النساء يحيل على سيناريوهات متعدد، أولها سوء تنزيل مقتضيات الدستور الجديد خاصة تلك المتعلقة بمبدأ المناصفة، وتطبيق الأجندة الحكومية للمساواة، ونشر ثقافة المساواة، ومحاربة الصور النمطية للنساء. إن ما نحن عليه الآن يعمق انعدام الثقة بين رئيس الحكومة و الحركة النسائية إلى أدنى مستوياتها، فمطلب المساواة ليس ظرفيا أو مناسباتيا بل هو مطلب ناضلت من اجله الحركة النسائية منذ عقود، ليس من أجل المناصفة في حد ذاتها بل لأن النساء اثبتن جدارتهن و استحقاقهن ليكنن جنبا إلى جنب مع الرجل، و ماأظنك السيد رئيس الحكومة إلا مستنجدا بالنساء يوما، و إن غدا لناظره لقريب.