التفاح رخيص ثمنه هذه الأيام في المغرب. اشتريته في تطوان بثلاثة دراهم للكيلو، وفي سلا بخمسة، وإذا غشك بائع فلن يبيعه لك بأكثر من ستة دراهم. أصبح التفاح في المغرب أقل شأنا من اللفت والباذنجان والبطاطا. الفاكهة المفضلة لدى الشعراء والنساء والإيروتيكا صارت بلا قيمة ويشتريها الجميع، ولا أحد يحتج في هذا البلد. الكل صامت ولا أحد يعترض في الفيسبوك منشغلون بتحدي الكتب ومعارضة الإحصاء ولا الأحزاب ولا بنكيران ولا مريم بنصالح ولا النقابات ولا الشعب لا أحد بالمرة يهمه هذا التراجع الخطير في قيمة التفاح. لم يعد بإمكان أي شاعر أن يكتب لحبيبته أقضمك كتفاحة هذه جملة ركيكة وصورة مطروقة ولا تليق بشاعر، مادام سعر التفاح أصبح منخفضا إلى هذا الحد لم تعد قطرات ماء على تفاحة خارجة من الثلاجة تثير مشاعر أحد لم يعد أحد قادرا على تشبيه نهد جميل بتفاحة مادامت رخيصة إلى هذا الحد ومتاحة للجميع وللسوقة والفقراء ولمن لا يملك إلا ثلاثة دراهم في جيبه آكلك كباذنجانة سوداء أكثر شعرية من التفاح وأمعسك كحبة بطاطا مسلوقة قمة في الإبداع لم يعد أحد يحترم التفاح في هذا البلد لقد قضيت الصيف وأنا أعصره وأصنع منه المربى والكومبوت وأضرب به من يزعجني، أما زوجتي فقد تفوقت علي وصنعت به الفطائر والكيك والحلوى وخللته، ولولا اعتراضي لأطعمتني مرق التفاح، حيث ضبطتها وهي تقشره وتقطعه كما السفرجل، وتضيف إليه البصل والزبيب.
ثم أين حركة 20 فبراير أين ذهب الإسلاميون، وهل تفاح غزة أهم من تفاح المغرب أين اليسار
هذا غير طبيعي واحتقار لفاكهة أرستقراطية ورقيقة وحلوة ولذيذه المغاربة لا يهتمون بشيء إلا إذا ارتفع ثمنه
أما إذا هبط وغدرته الأيام وساقته العربات المجرورة فلا يلتفتون إليه نعم علينا أن ننزل إلى الشارع
لقد قرأت عن مناضلين لا يعجبهم الإحصاء، وعن آخرين يقاطعونه حتى الإحصاء عارضناه وشككنا فيه فلم لا التفاح إنه مؤامرة مخزنية والنظام القمعي له يد في هذا الثمن لا تصدقوا ثمن التفاح احتجوا عليه وعارضوه هو الآخر
النظام الرجعي يريد أن يجوعنا كي نظل نأكل التفاح ولا نشبع فلا فاكهة تثير الجوع أكثر من التفاح ومهما أكلنا منه نظل جوعى
لقد كان الروس في الماضي يعذبون به السجناء، يمنحونهم تفاحة في اليوم، كي يجوعوا ويتعذبوا، ويظلوا رغم ذلك على قيد الحياة لا تنخدعوا ولا يغرنكم ثمنه قوموا أيها المناضلون اقلبوا الفيسبوك رأسا على عقب هذه هي قضيتكم فالدولة تحصينا وتطعمنا تفاحا رخيصا ولا بد أن الدولة تنوي شرا التفاح ليس بريئا ولذلك لم يفتخر بنكيران به ولم يتحدث عن ثمنه فعلها مع البنان ولم يذكر التفاح لقد تبرأ منه ولم يأكله في تركيا ولم يعتبره ثمرة من ثمرات الربيع العربي ولم تكتب عنه جريدة أخبار اليوم ولم تمدحه كما تمدح الرميد وبنكيران ولم تلتقط صورا معه ومادام الإحصاء سيئا فالتفاح أيضا سيء التفاح ليس لذيذا التفاح وسيلة من السلطة لتجويع وإلهاء المغاربة وقد تراجع ثمنه وتدهور وضعه لظروفه القاسية في الأشجار والبساتين ولغياب الديمقراطية وللإقصاء وليس غريبا أن يتطرف سعره وتتغير رمزيته وليس غريبا أن نقليه في الزيت ونتغزل بدل ذلك في جمال الباذنجان فلا شيء يدعو إلى الاستغراب في بلد يعارض فيه بعض المناضلين الإحصاء ويدعون إلى مقاطعته حتى الإحصاء احتجوا عليه فلم لا التفاح هيا أيها المناضلون موعدنا يوم الأحد أمام البرلمان.