الملحد لذيذ في الحريرة. يقبض عليه عادة وهو يزعزع عقيدة مسلم، ثم يقطع إلى قطع صغيرة، ويوضع في الثلاجة. خذي سيدتي كل يوم قطعة منه، واخلطيها بالكزبرة والبقدونس والكرفس، وارجميه بحبات الحمص، وانقعيه إلى أن يغرق في قاع الطنجرة، ثم اضغطي عليه ساعة من الزمن، حتى يهرأ.
بعد ذلك عذبيه بالطماطم المركزة، ولطخيه بالطحين، واعصري عليه نصف ليمونة. عادة يصعب الحصول على الملحد مقطعا ومقشرا، لكنه متوفر اليوم في الأسواق الممتازة، ولم يعد ثمنه مرتفعا، كما كان في السابق، ويظهر بوفرة في شهر رمضان، ويسرح في الفيسبوك، ويرعى العشب في المظاهرات والوقفات.
إنه أفضل من الحمام والدجاج في الحريرة، يستفز مشاعرك في البداية، ويهدد أمنك الروحي، لكنك سرعان ما تستطيبه و تتلمظ، وتكتشف لذته التي لا تقاوم. ويستحسن أن تصطاديه بنفسك سيدتي، فما يباع في الأسواق غير طازج، وأغلبه مستورد، ومصبر، وبعضه يربيه الصينيون والكنديون مع سمك السلمون، فيتغير طعمه، ويكثر شحمه، والملحد الجيد واللذيذ هو الذي يكبر بشكل طبيعي في المغرب، ولا يغلب شحمه لحمه.
وإذا كنت منشغلة، أرسلي زوجك أو أولادك، فاصطياده سهل في رمضان، لأن الملحد تصدر عنه رائحة تبغ، وكلما دخن سهل على الصياد مهمة القبض عليه، فالسجائر تفضحه، وتكشف مخبأه، مهما حاول الهرب، إلا أنه يستحب سيدتي أن لا تطبخي الملحد المدخن في الحريرة، فهو الألذ والمتبل طبيعيا بين كل الأنواع، لكن احتمال أن تكون أعضاؤه مريضة وارد جدا، حتى لو كان يدخن سيجارة إلكترونية، ويفضل أن يشوى هذا النوع من الملحدين على الفحم، الذي يزيل خطر الملحد ويحتفظ فقط بطعمه اللذيذ، وبلدغة التبغ للسان.
في بلاد أخرى يأكلون الملحد نيئا، يقبضون عليه من رأسه ويقطعونه ويلتهمونه، لاختلاف في الثقافة وفي الذوق وفي فن الطبخ، وأحيانا يظنون الشيعي ملحدا فيأكلونه، ويعتقدون بسبب جوعهم أن كل العالم ملحد ولذيذ باستثناء جماعتهم. وسهل أن تقبض على ملحد سمين في المغرب، فقط عليك أن تكون حاصلا على رخصة صيد رقم 222، وأن تختار طريدتك بعناية، فالملحدون فيهم الرومي والكروازي، والأغلى والأندر والألذ هو الملحد البلدي، الذي لا يأكل إلا البيو، وقنصه صعب، لأنه خفيف ويطير، ومن الصعب التمييز بينه وبين مؤمن.
في اليوم الأول من رمضان، عثرت على ملحد جائع، وقبضت عليه، ثم ذبحته، وقطعته، وطبخناه في الحريرة، وكان لذيذا، ويمكنك سيدتي أن تستعمليه أيضا في البريوات مع الشعرية الصينية، كما أن بيتزا الملحد لا تقاوم، فقط رشي عليها جبنا مبشورا واهرقي فوقها قليلا من زيت الزيتون، وستلتهمين أصابعك من أثر اللذة. أما إذا كنت سيدتي متخوفة من الملحد، فيكفي أن تطبخيه وترمي في الطنجرة ورقة سيدنا موسى، فإنها تزيل كل شروره، وتحمي المعدة من أي خطر يتعلق بزعزعة العقيدة وتهديد الأمن الروحي، فيطحن الملحد في الأمعاء كما تطحن أي وجبة، حلالا ولا شك فيه. أما إذا كنت مترددة سيدتي ، فقددي الملحد، وانشريه في السطح، أو خلعيه، ليأكله الصغار مع البيض المقلي في الصباح.
إنه لا يقاوم، ومن الوصفات التي أنصحكن بها في هذا الشهر الفضيل، وإذا أطعمت زوجك ملحدا فسيزداد إيمانه، وسيحبك أكثر ولن يكفر، وستصبحين سيدتي ثريا في البيت. شهية طيبة، وإلى اللقاء في الحلقة القادمة، مع وصفة جديدة.