أعترف في البداية أنك تملك قدرات لا تضاهى في مجال السب والشتم وقلب الحقائق وأنك من رواد لغة الخشب التي ابتلى بها المشهد السياسي المغربي، إنني لا أستعمل نفس القاموس الذي تغرف منه عباراتك الفاقدة للمعنى، وكلماتك الوضيعة. تدعي أن المرحوم علي يعته كان سيلقنني درسا في الدفاع عن استقلالية القرار الحزبي لو كان على قيد الحياة. إنك بهذا الإدعاء تضيف بعدا آخر إلى علمك الغزير وثقافتك الواسعة، فأصبحت ضالعا في علوم الغبيات لكن دعني رغم هذا، أجاريك في مسعاك: لو كان علي يعته حيا لبقي متشبثا بالكتلة الديمقراطية حتى النخاع وهو الذي نظّر لها ببراعة واقتدار، ولو كان هذا القائد الكبير حيا لذكرك بأبجديات النظرية الماركسية في مجال التحالفات السياسية والتحليل الطبقي ولما دخل في تحالف حكومي هجين مع اليمين الديني؛ إذ كانت له قراءة متنورة للدين الإسلامي كنصير للفقراء والكادحين وحامل لمشعل العدالة الاجتماعية.
أما الحديث عن استقلالية القرار الحزبي فإنك تعلم جيدا في قرارة نفسك بأن رياح المؤتمر الوطني الثامن ذهبت بها وأنك كنت واحدا من الكراكيز التي استعملت لضربها. تزعم أنني أسأت إلى الحزب بتصرفاتي والحال أنك كنت وزيرا فاشلا حصل على نقطة 10/3.5 في استطلاع مجلة "جون أفريك" الشهير حول أداء وزراء حكومة عباس الفاسي، وفي عهدك تم قمع الصحفيين والتضييق على حرية الإعلام، وبهذا ساهمت في تراجع سمعة الحزب لدى الرأي العام الوطني والدولي.
تدعي أن حزب التقدم والاشتراكية أصبح جماهيريا، فبالله عليك يا خالد الناصري، هل هناك حزب في العالم يترشح كل أعضائه ال 2250 لعضوية اللجنة المركزية، وهي برلمان الحزب وقيادته العليا؟ أليس هذا هو الدليل القاطع على أن هؤلاء المؤتمرين لا يعرفون الحزب لا من قريب ولا من بعيد وأنه جيء بأغلبهم لمساندة صديقك الحميم وشلتك المتنفذة؟.
لا أعلم إذا كانت عجرفتك وتعاليك يسمحان لك بتقبل النصائح، لكن دعني رغم هذا أقدم لك بعضا منها علها تفيدك في مسارك الشخصي والمهني والسياسي: أولا ابتعد قليلا عن السياسة السياسوية وصبّ اهتمامك على المعهد العالي للإدارة الذي أنبك المجلس الأعلى للحسابات على سوء تدبيره وهدر أمواله، ثانيا اهتم أكثر بتربية من حولك حتى لا تتكرر حاثة وسط العاصمة الرباط الموثقة بالصوت والصورة. وأخيرا، وليس آخرا، أحيلك على كتاب روزا لوكسمبورغ "الإصلاح الاجتماعي أم الثورة؟" وخاصة فصله حول "الانتهازية: من النظرية إلى التطبيق" عله يسعفك في فهم مسارك السياسي والمهني.