كشفت مصادر في الأغلبية الحكومية ل"كود" أن وزير الاقتصاد والمالية نزار البركة لم يكشف تماما لزعماء الأغلبية في اجتماعهم الأخير عن كل المؤشرات الخطيرة التي باتت تهدد الاقتصاد المغربي. وشددت المصادر ذاتها على أن وزير المالية الاستقلالي كشف لزعيمه حميد شباط على أن الأمور تسير بشكل سيء داخل الحكومة في الشق المرتبط بتدبير التوازنات المالية، مضيفة أن قرارات مجحفة ستسعى إلى اتخاذها الحكومة لامتصاص حدة العجز بعد التنبيه الأخير الصادر عن صندوق الدولي، والذي دعا حكومة بنكيران إلى توخي الحذر من تفاقم العجز وتراجع تنافسية الاقتصاد المغربي، الذي وضعه ضمن الخانة الحمراء. مصادر استقلالية مقربة من شباط ذهبت إلى أن ما تم تداوله أخيرا في يومية "العلم" من أخبار بشأن قرارات زيادة في أسعار الكهرباء والماء وضرائب النظافة والمباني، سرب من رحم الحكومة، وعمل حزب الميزان على الركوب عليها سياسيا لما أظهر شباط معارضته التامة لها لرئيس الحكومة في اجتماع الأغلبية الأخير. الشيء نفسه ذهب إليه وزير الداخلية والأمين العام لحزب الحركة الشعبية امحند العنصر الذي استفاق من سبات عميق في آخر لحظة، وحاول، تحت ضغط المكتب السياسي لحزبه، أن ينصاع لمطلب التعديل الحكومي ومراجعة القرارات التقشفية للحكومة التي من شأنها أن تجعل حزب السنبلة يدفع ثمن تحالفه مع حزب المصباح باهضا، ما جعل أمينه العام يخرج عن صمته ويعلن العصيان على بنكيران، خاصة بعد الهجوم المتكرر لنائب وجدة من العدالة والتنمية عبد العزيز أفتاتي الذي اتهم حزب أحرضان بالمساهمة في الأزمة التي يعيشها المغرب والاستفادة من الريع.
فصول المواجهة بين المعارضة من داخل الحكومة ستتسع، حسب مصادر داخل الأغلبية، التي أكدت ل"كود" أن رئيس الحكومة يرفض منطق التسويات السياسية مع حلفائه في قرار إلغاء ميزانية الاستثمار المقدرة ب15 مليار درهم، معتبرا أن القرار مصيري وترفضه صعوبة الظرفية الاقتصادية التي يجتازها المغرب، رغم عدم صوابه من وجهة نظر محللين اقتصاديين لأنه سيزيد في تعطيل العجلة الاقتصادية وسيساهم في تراجع الناتج الداخلي الخام وفي موجة تسريح اليد العاملة في المقاولات التي تعتبر الدولة أول زبون لها، بعهد توقيف عدد من الصفقات العمومية التي كانت مبرمجة السنة الجارية في قانون المالية. من جهة أخرى احتجت المعارضة على استعمال بنكيران لمرسوم تنظيمي يقضي بإلغاء ميزانية الاستثمار دون الرجوع إلى البرلمان، الذي صوت على الميزانية العامة، والحال أن القانون التنظيمي للمالية والدستور، يفرضان على الحكومة في حال قيامها بتعديل اعتمادات عمومية أومراجعة مداخيل الاستناد إلى مشروع قانون تعديلي للمالية يعرض على البرلمان للمصادقة عليه.
وكان حميد شباط الأمين العام لحزب "الاستقلال" وصف في اجتماعه الأخير مع فريقه البرلماني نهاية الأسبوع، حكومة بنكيران ب"حكومة دولة المماليك" مشيرا إلى أن "كل وزير فيها يفعل ما يريد دون تنسيق ولا رؤية موحدة".
وقال شباط "الحكومة صارت مغرورة وتلجأ إلى الحلول السهلة، وهي الضغط على الشعب وخنقه بالزيادات"، وأضاف أن "صمت الشعب عن الزيادة التي دشن بها بنكيران دخوله تجربة الحكم جعل الحكومة تحس بالغرور، إلا أن لا أحد تكلم وهو ما اعتبره بنكيران مباركة له من قبل الشعب في السراء والضراء".
كما سار امحند العنصر الأمين العام لحزب "الحركة الشعبية" على خطى شباط لما عبر من جهته خلال اجتماع مع أعضاء المكتب السياسي لحزبه، عن انزعاجه لمجموعة من المبادرات الحكومية، خصوصا فيما يتعلق بالزيادات في الأسعار والطريقة التي تم اقتراح لتدبير صندوق المقاصة، واعتبر العنصر أن "الحكومة لنى تعمل سوى على خنق المواطنين عبر الزيادات".