بمجرد أن أعلن نبيل بنعبد الله رئيس اللجنة الوزارية المكلفة بمراجعة دفاتر تحملات الخلفي الخاصة بالإعلام العمومي عن تأجيل نشرها بالجريدة الرسمية حتى شتنبر المقبل، تسللت علامات الارتياح إلى بعض شركات الإنتاج التلفزيوني المحظوظة التي اعتادت الاستفادة من كعكة رمضان ومعها بعض مسؤولي ما يسمى مجازا "القطب العمومي". فالجميع ضمن بعد تصريح بنعبد الله أن لا تطبق الالتزامات المتعلقة بالحكامة الواردة في دفاتر تحملات الخلفي خلال رمضان المقبل على اعتبار أن هذا الأخير سيحل في نهاية شهر يوليوز الماضي. وهي الالتزامات التي لم يعتد التلفزيون العمومي الاشتغال بها، بل أكثر من ذلك ستكشف النقاب في حالة البدء بتطبيقها على مجموعة من السلوكيات التي كانت تعتمد في تمرير صفقات الإنتاج بين التلفزيون والشركات. ومن بين هذه الالتزامات الجديدة، تعيين لجنة لانتقاء البرامج تضم أعضاء مشهود لهم بالكفاءة ولا توجد لديهم أية مصالح مباشرة أو غير مباشرة في القطاع السمعي البصري لضمان حيادهم، واختيار رئيس لها من طرف الرئيس المدير العام وطرح اسمه في المجلس الإداري للمصادقة عليه، وتعلن لائحة الأسماء للعموم. بالإضافة إلى تنظيم طلبات عروض لاختيار المشاريع الأفضل، ثم الإعلان عنها للعموم كذلك عبر الموقع الالكتروني للقناتين مرفوقة بقرارات معللة. كل هذه الميكانيزمات لم تكن معتمدة، مما يترك المجال شاسعا للمناورة وتمرير الصفقات وفق شروط لا يعلمها إلا المستفيدون منها. حيث ظلت صفقات وعقود الإنتاج مثلا تستثنى من قانون الصفقات العمومية وبالتالي من إجراءات طلبات العروض. كما أن لجن القراءة كانت دائما مجرد حبر على ورق ولم تعرف يوما أسماؤها ولم تعلل يوما قراراتها، بل إنه في رمضان 2011 تم التعاقد مع شركة فرنسية TNS لاختيار البرامج التي سيتم بثها من طرف قناة الأولى خلال موعد الإفطار علما أن لا مرادف لشهر رمضان في فرنسا وبالتالي فكيف لفرنسيين أن يفهموا عادات الاستهلاك التلفزيوني المغربي خلال هذا الشهر. والملاحظ أن دفاتر التحملات هوجمت كثيرا في شقها التحريري والسياسي، لكن القليلين فقط من صفقوا لما تضمنته من ميكانيزمات الشفافية والحكامة وهو ما دفع وزير الاتصال إلى القول في إحدى خرجاته البرلمانية، إن الكثير من الحروب التي حيكت ضد دفاتره إنما يقف وراءها بعض الخاسرين في لعبة الحكامة من مسؤولي القناتين ومن شركات الإنتاج. فهل يرد الخلفي على تأجيل دفاتره إلى شتنبر المقبل بتحريك المساطر القضائية في حق من يقول إنه يتوفر فوق مكتبه على ملفات فساد مالي في حقهم، على الأقل ليضمن قول "رمضان كريم" للجميع.