عاد اليسار من جديد إلى عادة ظن الجميع أنه برحها إلى غير رجعة، ويتعلق الأمر بالحلقات الرمضانية التي تسائل فيها فعاليات اليسار ذاتها ومنذ 1992، حول أسئلة من قبيل أين اليسار ومن هم يساريو البلد وما مصيرهم وكيف يمكن تجميعهم وإنقاذهم من الشتات وصراعات الماضي القريب، وبدا ذلك جليا في حلقات رمضانية دأب الرفاق منذ أزيد من عقد من الزمن على ترديدها بعد الإفطار لتمضية الوقت وسرعان ما يتم التراجع عن كل التوصيات التي تحبل بها التقارير والخلاصات النهائية لهذه اللقاءات من دعوة إلى حوار بين مكونات"الصف اليساري الديمقراطي" وتجميع قواه الحية في المجتمع.... إلا أن الغريب في رمضان هذه السنة أن يعي حزب التقدم والاشتراكية أنه حزب يساري رغم أنه يشارك في حكومة يقودها إسلاميو النظام ضدا على الاعتبارات الايديولوجية أو أي تقارب سياسي ممكن سوى لغة المصالح والغنائم التي تتقنها قيادة التقدم في عهد نبيل بنعبد الله، ومناسبة هذا القول، ندوات "اليسار الآن" التي ستبدأ الثلاثاء من الرباطوالبيضاء وسيشارك فيها رفاق بنعبد الله إلى جانب الاتحاد الاشتراكي والنهج الديمقراطي والاشتراكي الموحد والمؤتمر الوطني الاتحادي والطليعة، في عدد من المدن، وستبدأ بالرباطوالدارالبيضاء بتنسيق بين الكتابات الإقليمية لهذه الأحزاب، التي لا تلتقي فيما بينها إلا في شهر رمضان، لاختبار "تياسريت ديالها" في وقت اختار فيه النهج قيادة جديدة لكنها مكبلة بقيود نظرة "الرتروفيزور" التي ما تنفك تنظر إلى الحاضر بنظارات الأمس فلم يغير لعد من لاءاته في مواجهة النظام واللعبة السياسية بشكل عام، وكذلك الشأن بالنسبة للطيلعة الذي ما يزال يبحث عن خيط رفيع يؤمن له العودة إلى اللعبة من بابها الجديد عبر بوابة اليسار
وإن كان الأب الاتحاد الاشتراكي لم يعد قادرا على تحمل هذه المهمة في وقت شاخت فيه قيادته وتراجع إشعاعه ورصيده بين رفاق الأمس فل يعد يتقن "ركزة" المعارضة كما كان بالأمس، أما رفاق الساسي فهم تائهون بين "ثورة" مجهضة ظنوا أن 20 فبراير كفيلة بتحقيقها إلا أن اصطفافاهم إلى جانب العدل والإحسان سرعان ما احرج رفاق الساسي اذين باتوا على يقين تام من أنهم لن يحركوا حفنة من الشارع هم ورفاقهم في اليسار دون "دوباج" الإسلاميين ليعودوا إلى حلم وحدة اليسار الديمقراطي رغم علمهم أن تبقى أضغاث أحلام وأن زمن الربيع بطله الإسلاميون بامتياز.