الجامعة كنت ككل الذين طالعوا خبر " إلغاء مجانية الدراسات الجامعية بالمغرب " مصابا بالدهشة, باحثا عن النسخة الأصلية لحوار السيد الوزير الداودي مع جريدة " الإيكونوميست" لأتيقن منه. كيف يمكن ذلك؟ لقد أنهيت دراستي الجامعية حديثا, و أعلم مما يصنع يوم طالب في مدرسة مهندسين, كيف يمكن أن ينضاف عبئ جديد لظهر مثقل أصلا؟ يكمل صاحبه شهره بالفتات. أتذكر كيف كنا نلهو أنا و أحد زملائي و نمضي وقتنا في عد أبناء الموظفين الذين يدرسون معنا, حتى انتهى بنا الأمر للخروج بقناعة مفادها أن أبناء المعلمين استعمروا مدرستنا – و نحن ابنا معلمين أيضا -. Aujourd'hui, nous avons un autre problème grave, celui du tout-gratuit des études supérieures dans notre pays. Nous ne pouvons plus continuer dans cette logique. J'ai demandé à l'Ecole Mohammedia d'ingénieurs de m'indiquer la proportion des étudiants auxquels on pourrait demander une participation financière, j'ai été surpris d'apprendre que 60% seraient dans ce cas. هكذا عبر إذن السيد الداودي عن سخطه, عن وضعية لا يجب أن تستمر حسب تعبيره, وضع نشاز يحرم الدولة من أن تحصل على أموال 60 بالمائة من طلبة المدرسة المحمدية للمهندسين. أي أن 60 بالمائة هم من الأغنياء الذين يجب أن يساعدوا الفقراء و المحتاجين, هؤلاء الفقراء الذين ما فتئت الحكومة الجديدة تتغنى بإنقاذهم و بالرفع من مستوى عيشهم. ثم بعد مرور الأيام و توالي ردود الفعل الرافضة للفكرة من أصلها, دخل السيد الداودي في مسلسل تخبط في التصريحات, مرة قال أن القرار يشمل من يأتون للجامعة في سيارات بورش و مرة أخرى, تحدث عن الأسر التي يتجاوز دخلها 50000 درهم في الشهر, تخبط اتضح منه أن الفكرة من أساسها كانت تهدف بالأساس لإيجاد مداخيل جديدة لخزينة الدولة, و بأي شكل. ما المشكل إذن, ما الذي جعل صانعي القرار, و هنا أقصد صانعي القرار الحقيقي أي "حزب التماسيح و العفاريت و عفا الله عما سلف", يدخلون في دوامة القرارت غير الشعبية التي تحيلنا على خطط التقشف الأوروبية. جلي للناظرين أن الدولة اليوم تبحث عن نقص مصاريفها و رفع مداخيلها, ما الخطب إذن؟ البنك طيب لنعد قليلا إلى الوراء, أسابيع قليلة من قبل حيث طالعتنا وسائل إعلامنا الموقرة بحصول المغرب على قرض بقيمة 300 مليون دولار من طرف صندوق النقد الدولي, و سوقت للخبر على أنه إنجاز عظيم يبين مدى الثقة الموضوعة في المغرب من طرف المؤسسات الدولية, مؤسسة دولية لا يهمها إن كانت المرحلة الأولى من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لم تواكب بارتفاع فعلي لمعدل التنمية البشرية, بقدر ما يهمها أن تحصل على فوائدها على مدى الأعوام المقبلة. طيب ما علاقة هذا الأمر بمجانية التعليم ؟ ببساطة, صندوق النقد الدولي, يشترط على الدولة المقترضة أن : تخفض مصاريفها, ترفع من مداخيلها و تنتهج سياسة تنموية, حتى يكون أصحاب رؤوس الأموال متأكدين من أن الدولة المقترضة تستطيع تسديد ما عليها من مستحقات ( المبلغ المقترض + الفوائد ). لماذا نقترض من أصله إذن ؟ الجواب بسيط, ليس لنا حل بديل, فمنذ 2006 صار ممنوعا على الحكومة أن تحصل على تمويلها مباشرة من بنك المغرب, و صارت مجبرة على الإقتراض من القطاع البنكي الخاص أو من المؤسسات الدولية. و بين الجامعة و البنك : الدين لنطلع إذن على قيمة هذه الديون, و على تركيبتها. ديون المغرب نهاية 2011 كانت بقيمة 582 مليار درهم أي 72 بالمائة من الناتج الوطني الخام – أكثر من الجار الإسباني الذي تصل ديونه ل 68,5 بالمائة من الناتج الوطني الخام-, هذه الديون ستصل في نهاية 2012 إلى 636 مليار درهم أي 75 بالمائة من الناتج الوطني الخام. ديون مشكلة أساسا من الدين الداخلي, حيث أن الديون الخارجية لا تشكل سوى 23 بالمائة, بينما ندين بالبقية الأكبر لقطاعنا البنكي الخاص, أي 392 مليار درهم, دين كان يشكل فقط 7,5 من الناتج الوطني الخام, قبل أن يقفز ل 42,2 بالمائة سنة 2000 و إلى 56,1 سنة 2005. و بما أن المغرب منخرط في سياسة تنموية و مشاريع كبرى, فإن أي خطوة من الخطوات المترتبة عن ذلك بحاجة إلى مزيد من المال, أي إلى مزيد من الديون و بالتالي مزيد من الفوائد المترتبة عن تلك الديون, تجعل من تطور أمتنا ينتج تروة تنتهي في جيوب أصحاب الأبناك, الذين صاروا شركاء الشعب في ثروته الوطنية. توماس إديسون قال في حوار مع جريدة النيويورك تايمز منتقدا سياسة الدين التي تنتهجها الحكومة الأمريكية : لماذا تضطر الحكومة لأداء فوائد لنظام بنكي خاص لتستعمل نقودها الخاصة, التي تستطيع أن تصدرها هي بنفسها, و بدون فوائد ؟ هنا مربط الفرس إذن, لماذا نضطر للإقتراض و أداء الفوائد, و بعد ذلك رفع الرسوم و الضرائب و اقتطاع الأجور, من أجل أشخاص لم يساهموا لا من قريب و لا من بعيد في تنمية هذا الوطن, بل و الأسوء من ذلك أنهم يبدؤون في المقامرة بمصير أمة, بالمضاربة و كل الممارسات التي لا تخدم سوى مصلحة أقلية تستطيع أن تخنقنا جميعا بكبسة زر. يقول السيد إديسون في نفس الحوار : هذا ما يريد هنري فورد أن يمنعه, إنه يظن أنه من الغبي, و هذا ما أظنه أيضا, أنه من أجل قرض بقيمة 30 مليون دولار من ماله الخاص, يضطر شعب الولاياتالمتحدةالأمريكية لأداء 66 مليون دولار – المبلغ المقترض زائد الفوائد. أناس لم يرفعوا معولا, و لم يساهموا بشيء في العمل سيكسبون مالا أكثر من شعب بلدنا الذي وفر المواد و العمل. الحل اليوم سهل جدا إذن, و لا أظن أن السيد الداودي و هو مختص في الإقتصاد, لطالما امتدح الإقتصاد الإسلامي في مدرجات الجامعات يجهله, و هو العودة للسيادة على إصدار الأموال, و عودة بنك المغرب إلى حضيرة المؤسسات العمومية الشعبية, الخاضعة لمراقبة المؤسسات المنتخبة, بعيدا عن إملاءات صندوق النقد الدولي الداعية لاستقلالية الأبناك المركزية. عند ذاك نستطيع أن نقول وداعا للدين و لكل ما يترتب عنه من أزمات مجتمعية. --------------------------------- المراجع - بالفرنسية -
La loi Rothschild, cause de l'endettement de la France http://mai68.org/spip/spip.php?article1245 Conditionnalité de l'aide internationale http://fr.wikipedia.org/wiki/Conditionnalit%C3%A9_%28aide_internationale%29 Faut-il réviser le statut de Bank Al-Maghrib ? http://www.lavieeco.com/news/debat-et-chroniques/faut-il-reviser-le-statut-de-bank-al-maghrib--21933.html Les emprunts s'accumulent de plus en plus http://www.aufaitmaroc.com/actualites/economie/2012/3/21/les-emprunts-saccumulent-de-plus-en-plus Les pièges de la dette marocaine http://cadtm.org/Les-pieges-de-la-dette-marocaine Paroles de Thomas Edison http://www.michaeljournal.org/annexD.htm