نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    برشلونة يلتقي ريال مدريد في نهائي كأس ملك إسبانيا غدا السبت    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    المغرب – الصين: الريادة النسائية في عصر الذكاء الاصطناعي محور ندوة بالرباط    "البيجيدي" يعلن غياب وفد "حماس" عن مؤتمره    بعد الأحكام الأخيرة.. أسرة ياسين الشبلي تعلن اللجوء للقضاء الدولي    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    "أسبوع المغرب في موريتانيا" يعزز الشراكة الاقتصادية والثقافية بين البلدين    المغرب استورد أزيد من 820 ألف طن من النفايات والمواد القابلة لإعادة التدوير خلال 2024    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    اتفاقية تدعم مقاولات الصناعة الغذائية    "البيجيدي" يعلن عدم حضور وفد حماس في جلسة افتتاح مؤتمره التاسع ببوزنيقة    محاكمة أطباء دييغو مارادونا تكشف تفاصيل الأيام الأخيرة    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    ميسي يطلب التعاقد مع مودريتش.. وإنتر ميامي يتحرك    فوضى أمام الفاتيكان في اليوم الأخير لوداع البابا فرنسيس الأول    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    شراكة تجمع "ويبوك" وجامعة كرة القدم    رفضا للإبادة في غزة.. إسبانيا تلغي صفقة تسلح مع شركة إسرائيلية    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    جرادة.. ضابط شرطة يطلق النار لتتوقيف ممبحوث عنه واجه الأمن بالكلاب الشرسة    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    الزلزولي يعود للتهديف ويقود بيتيس نحو دوري الأبطال    الصين تنفي وجود مفاوضات تجارية مع واشنطن: لا مشاورات ولا اتفاق في الأفق    رواد سفينة الفضاء "شنتشو-20" يدخلون محطة الفضاء الصينية    حين يصنع النظام الجزائري أزماته: من "هاشتاغ" عابر إلى تصفية حسابات داخلية باسم السيادة    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    من قبة البرلمان الجزائر: نائب برلماني يدعو إلى إعدام المخنثين    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    هل يُطْوى ملفّ النزاع حول الصحراء في‮ ‬ذكراه الخمسين؟    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤتمر الوطني التاسع: الاتحاد الاشتراكي في مفترق الطرق
نشر في كود يوم 10 - 07 - 2012

بداية نفترض أننا أمام مرحلة مختلفة تتضمن بعض عناصر القطيعة مع مرحلة ما بعد التناوب التوافقي. نحن أمام مؤتمر يمكن أن يكون، من الناحية الايديولوجية و السياسية - متقدما على المؤتمر الاستثنائي كما يمكن أن يكون متخلفا عن المؤتمر السادس. هما المؤتمران المرجعيان في تاريخ حركة سعت إلى إصلاح النظام السياسي من الداخل. لا مناص إذن من قراءة هاتين المحطتين .فالمؤتمر الاستثنائي هو تأسيس لمرحلة سياسية جديدة في تاريخ الحركة الاتحادية بحثت من التجانس و الانسجام بين ما هو إيديولوجي و سياسي و تنظيمي.
والمؤتمر السادس هو بداية تفكك الحركة الاتحادية كحركة معارضة. هو نهاية المنظومة المرجعية للمؤتمر الاستثنائي و محاولة تأسيس مرجعية أخرى - سميت بالاشتراكية الديمقراطية -بمفاهيم جديدة و اختيارات أخرى. اليوم نحن أمام إرهاصات قطيعة عناصرها واضحة في تحول بنيات ووظائف المكونات التقليدية المشكلة للحقل السياسي.
سياق المؤتمر إذن، هو سياق مختلف لا بد لنا فيه من طرح أسئلة عميقة حول الثوابت التي تشكلت طيلة العقود الثلاثة الماضية. لابد لنا فيه من الخروج من حالة العزلة الإيديولوجية و الثقافية. فالاتحاد لم يعد حزبا مهيمنا - بالمفهوم الغرامشي- حيث لم تعد مرجعياته الايديولوجية محط اهتمام النخب السياسية و الثقافية.
هي حالة شبيهة بحالة الأحزاب الشيوعية بعد انهيار جدار برلين. لذلك جرأة السؤال هي شرط لمعاودة الحضور. الأزمة التنظيمية: مفهوم لا سياسي مفارق للواقع لم نستسغ قط توصيف الكاتب الأول للاتحاد خلال انعقاد المجلس الوطني الأخير الوضعية التنظيمية بالانتحار الجماعي الممنهج. فالانتحار الجماعي في السياقات السياسية للحروب هو، عند أصحابه، عنوان للمقاومة و رفض للاستسلام، لوطنية مفترى عليها ربما، لكن له دلالة سياسية. فأية دلالة سياسية لانتحارنا الجماعي؟؟ هناك خطأ في تقدير طبيعة أزمة الحزب. فالاتحاد الاشتراكي لا يعيش أزمة تنظيمية، بل أزمة رؤية و خط سياسي. لذلك لا بد لنا من وقفة تأملية حول سؤال العلاقة بين الاتحاد و التنظيم .
لابد من التذكير بأن الاتحاد اعتمد وإلى حدود مؤتمره الأخير - المؤتمر الثامن - على تصور تنظيمي لينيني يجعل من القيادة المركز الوحيد الملهم للقرار. ولابد من التذكير بأن هذا النوع من التنظيم كان الهدف منه هو بناء دولة إلى جانب الدولة القائمة - الدولة القيصرية -. وإذا كان لهذا النوع من التنظيم ما يبرره في سياق العلاقة الملتبسة بين الحزب و النظام السياسي، فإنه اليوم يظل محط تساؤل في ظل الخط السياسي الذي انتهجه الحزب منذ مؤتمره السادس 2001 . فبنية التنظيم المغلق لا تتماشى إطلاقا مع خط سياسي منفتح على المبادرات الإصلاحية للدولة. ومؤمن بالاختلاف كمكون من مكونات الفعل السياسي، بل هو منتج للحلقية و التطاحن الداخلي و الانعزال عن المجتمع. و الحقيقة أن ما يبدو من ازمة تنظيمية «ليس في الواقع إلا انحصار للخط السياسي و غياب أفق استراتيجي معبأ و هذا هو جوهر النقاش. فالمكانة التي أصبح يحتلها «سؤال التنظيم» داخل الحزب ما هي إلا أحد أعطاب الممارسة السياسة وهروب من الإجابة عن سؤال الخط السياسي. لذلك فالنقاش حول الفلسفة التنظيمية يجب أن يعقب النقاش حول الاختيارات السياسية و الأهداف الاستراتيجية العامة. وبالفعل، فالمدكرة التنظيمية - من تيار شعبي عائم إلى حزب سياسي منظم - و التي كانت المرجعية الأساسية في إعادة بناء التنظيم وصولا إلى المؤتمر الاستثنائي بقيت الملهم الرئيسي لاختيارات الاتحاد التنظيمية، حيث شكل المفهوم اللينيني للمركزية الديمقراطية عنصرها الثابت. نحن أمام نموذج تنظيمي مناقض لاختياراتنا السياسية و لا يمكن أن يفضي لا إلى توضيحها ولا إلى إعادة الوهج للاتحاد. سنسعى من خلال هاته المساهمة، لإبداء وجهة نظرنا في طبيعة الأزمة التي عصفت بتنظيمات الاتحاد الاشتراكي، على الأقل منذ حكومة «التناوب التوافقي»، والتي ما فتئت تتفاقم بالموازاة مع مختلف تطورات الحقل السياسي الوطني. كما أنها تسعى إلى استشراف بعض المسالك الممكنة لإعادة روح الثقة فيما تبقى من تنظيمات الحزب. ولا يخفى علينا صعوبة سبر أغوار أوضاع الاتحاد ورسم سبل «الخروج من الأزمة» على اعتبار أنها أوضاع معقدة و مركبة و متراكمة.
كما لا يخفى علينا المجهودات المتواصلة والاجتهادات الجادة التي قام و يقوم بها المناضلون، بشكل جماعي أو فردي، لإعطاء فهم معين لطبيعة الأزمة و سبل الخروج منها. غير أننا نفترض، أن منهجية جديدة لمقاربة الوضع اليوم تفرض نفسها بالنظر إلى تحول الشروط الداخلية و التي أفرزت وضعا سياسيا جديدا كان من بين نتائجها المباشرة خروج الاتحاد إلى المعارضة. هذه الشروط مست على الأقل ظاهريا ثلاثة مكونات: موقع الملكية و بروز التيار الإسلاموي كفاعل رئيسي و تفكك الحركة الوطنية كمشروع سياسي. هذه هي عناصر القطيعة المفترضة و التي تسير حتما في اتجاه مختلف عن ما رسمناه في المؤتمر السادس. لذلك لابد لنا في البداية، من الإدلاء ببعض الملاحظات المنهجية و التي سنؤسس عليها جملة الخلاصات و الاستنتاجات. عود على بدء: إعادة النظر في المقاربة النظرية لمآل المشروع السياسي للحركة الوطنية.
1 -
لابد لنا من الإقرار بأننا اصطدمنا بمأزق حقيقي في تصور الأفق الممكن للممارسة السياسية للاتحاد الاشتراكي، على الأقل منذ الانتخابات التشريعية لسنة 2007 و الأهداف الاستراتيجية العامة للخط السياسي للحزب. فرغم كل المحاولات (لجنة التقييم، المؤتمر الثامن...) هناك انطباع بأننا لم نراوح مكاننا وجاءت انتخابات 2011 (رغم سياق الربيع العربي) لتكرس مسار الاندحار. ففي نظرنا، يبقى هذا «الأفق الممكن» الملهم الرئيسي للممارسة اليومية و القاسم المشرك للتعبيرات و المكونات المختلفة و المتناقضة أحيانا للحركة الاتحادية و الذي شكل - في فترة ما بعد المؤتمر الاستثنائي - البيان العام للمؤتمر الوطني الثالث أحد تعبيراته القوية أي: الدولة الوطنية الديمقراطية المؤسسة على الملكية البرلمانية. هل تشكل هذه التجربة انحرافا عن المشروع؟ أم هي نتيجة طبيعية لاختيارنا؟ فالمضمر في الوعي الجماعي لمكونات الحركة الاتحادية و النخب التي ارتبطت بها هو هذا السؤال المقلق حول كيف انتقلنا من مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية إلى تجربة التناوب التوافقي؟ لقد أسس الاتحاد ، ومعه اليسار عموما ، تصوره لهذا الأفق على مقاربة تاريخانية - هيغيلية تجد جذورها في المناخ الفكري و الثقافي المنتج لنخب الاتحاد خلال عقود الستينيات و السبعينيات و حتى الثمانينيات. إن ما نقصده بالمقاربة التاريخانية هو هذا التصور الذي ينظر إلى التاريخ كمسار خطي تتحول فيه التجربة الديمقراطية الغربية من معطى تاريخي إلى حقيقة تاريخية.
أي كونية لا شيء يعلو فوقها. فاختزال أفق الممارسة السياسية للاتحاد في هذه «الحقيقة» كثفها في اتجاه عمل مؤسساتي ضيق ودفع بالحركة الاتحادية إلى التفكك و الترهل، بل و الاغتراب. وكذلك الشأن بالنسبة لليسار السبعيني و الذي لم يتأخر لإنجاز المراجعة الفكرية رغم توفر «الشرط الموضوعي للثورة». إن وهم إعادة إنتاج التاريخ الغربي أفضى تدريجيا إلى نوع من «الاستلاب» الفكري ثم إلى عجز في استعاب التحولات الجديدة للمجتمع.
من الناحية النظرية، لم يغفل التقرير الإيديولوجي المقدم للمؤتمر الاستثنائي حدود هذه المقاربة، حيث كان مفهوم «التحليل الملموس للواقع الملموس»، واعيا بضرورة أخذ المسافة، لكن عدا بعض المصطلحات مثل «الخصوصية» و «التأصيل و المعاصرة» ظل الجوهر يمتح من عمق هذه المقاربة و الت معه الممارسة إلى التأويل «الديمقراطوي» لاستراتيجية النضال الديمقراطي. لاغرابة إذن إذا كان المسار العام للحزب منذ المؤتمر الاستثنائي قد عرف تدحرجا واضحا من المشاركة المحتشمة في المجالس الجماعية و البرلمان رغم الحضور الجماهيري الوازن إلى مشروع «التناوب التوافقي» ثم إلى مشاركة مرتجلة في الحكومتين اللتين أعقبتا هذا المشروع. لذلك لابد لنا اليوم من مقاربة أخرى، يمكن أن نسميها بنيوية تستحضر التجربة الديمقراطية الغربية كمعطى تاريخي مرتبط بنماذج و تحولات اقتصادية و اجتماعية و قيمية ثقافية. حيث يجب أن تتحول علاقتنا به من علاقة بالحقيقة الثابتة إلى ميزان قوى يحضر فيه الوطن أولا و التماسك الداخلي ثانيا و النموذج السياسي ثالثا. هل هذا يعني أن الديمقراطية ليست أولية؟ بالطبع لا، لكن لا بد من التمييز بين الديمقراطية كسيرورة تاريخية منتجة لنظام من القيم المؤسسة على تحرير الفرد و الديمقراطية كبناء مؤسساتي أنتج هذا النظام السياسي أو ذاك. فإشكاليات مثل المساواة بين الرجل و المرأة و منظومة الحقوق و حرية المعتقد يجب ان تحظى بالأولوية مقارنة بإشكاليات فصل السلط.
فالثورة الفرنسية أنتجت إعلان حقوق الإنسان و المواطن قبل ان تنتج الجمهورية الثالثة. فالمشكل يبقى في قراءتنا للتجربة الديمقراطية الغربية، حيث الأساس هو التوجه نحو فلسفتها و استعابها و ترجمتها إلى اختيارات سياسية و إيديولوجية و ثقافية ثم السعي إلى تجاوزها بالنظر إلى تاريخنا و مكونات هويتنا. هي كونية في ذاتها و لحظتها و ليس في هيمنتها و إشعاعها. من نحن ؟ أو مأزق الوضوح الإيديولوجي. لا نسعى من خلال هذا السؤال إلى البحث عن وضوح إديولوجي (ونحن نفترض بأنها إحدى أخطاء التقرير الإيديولوجي) على اعتبار أننا ضمن نظام سياسي سريع التحول بحكم حجم الضغط الخارجي. بل نسعى إلى تحديد مجال التناقض الذي يحكم فعل الحركة الاتحادية.
وراء هذا «النحن» الصغير و الايل للانكماش، هناك هذا المجال الحيوي للممارسة السياسية المسمى الأمة المغربية و الذي له تاريخ و تحدده علاقات قوى فعلية جيوسياسية و تاريخية تحول إلى دولة - أمة بمقتضى تحالف قوى التغيير - الحركة الوطنية - و القوى المحافظة - المخزن - و ليس نتيجة لتدخل أجنبي - هذا الاخير لم يستطع تغيير بنية الحكم - لقد شكلت هذه المفارقة - الحزب الثوري المطالب بالإصلاح - إحدى عوامل الضعف الاساسية للخط السياسي للاتحاد و عنصر من عناصر الالتباس في تمثل المجتمع و نخبه لماهية هذه القوة السياسية و أهدافها. ولعل تمثلنا الضيق لهذه المفارقة هي التي استحال معها الخط السياسي للاتحاد إلى المشاركة في حكومة التناوب التوافقي و أعدمت أي أفق آخر للممارسة السياسية للاتحاد خاصة بالنسبة للنخب الجديدة -الشباب و النساء- فالرهان على هذه التجربة كان يجب أن يوازيها تقوية التنظيمات الموازية للحزب - النساء والشباب ،النقابة ،الإعلام- و الانفتاح على المكونات التقدمية للحركة الوطنية. لذلك فتعريف عناصر هوية الاتحاد ليست اجتهادا فكريا خالصا يمكن أن يستند إلى هذا النموذج أو ذاك، بل هو جزء من سيرورة إعادة القراءة المستمرة لمشروعنا السياسي و الوقوف على الأخطاء و تبيان الاهداف الاستراتيجية و التحديد الدقيق لدائرة الحلفاء. هي هوية لا يمكن أن تكون إلا متحولة : وطنية في أساسها و تحررية في عمقها و تقدمية في أفقها. الحركة الاتحادية في صلب، على هامش تحولات الحقل السياسي الوطني ظل الاتحاد طيلة الخمسين سنة الماضية في صلب المعادلة السياسية و أحد أطرافها المركزيين كيفما كانت طبيعة التحولات السياسية. فما الذي جرى حتى أصبح عنصرا هامشيا أو على الأقل محدود التأثير بما يجري؟ -قراءة أولية في التحولات من 1998 إلى الربيع العربي. إن القراءة السريعة للتحولات التي شهدها المغرب منذ مطلع الألفية الثالثة و التي تزامنت مع بداية التناوب التوافقي تفضي إلى استخلاص أربع معطيات مركزية:[وهناك مجال واسع للنقاش]: -على المستوى السياسي: حافظت الملكية على أدوارها الهيكلية -المؤسساتية حتى في ظل دستور 2011 وأحدثت بالمقابل تحولا كيفيا في ادوارها الوظيفية.
فلقد استطاعت من أن تجعل من «موضوع الإصلاح» إيديولوجيا معبأة للمجتمع و أضحت باقي مكونات الحقل السياسي تلعب أدوارا هامشية و في احسن الحالات مكملة «للبرنامج العام للدولة». - على المستوى الإيديولوجي: ستساهم أحداث هامة «الحرب على العراق وعلى الإرهاب، الحرب على أفغانستان، فشل مخطط التسوية الفلسطينية الإسرائيلية». في موت الإيديولوجيات الكلاسيكية باعتبارها إيديولوجيات كونية و تحولها إلى إيديولوجيات غربية محضة و ستطفو على السطح بالمقابل إيديولوجيات إسلاموية قدمت نفسها كبديل في ظل «صراع حضاري» مفترض ستساهم الثورة الإعلامية في ترسيخه ونشره.
- على المستوى الاقتصادي: ستتنامى المصالح الاقتصادية الخارجية في المغرب بما يهدد سيادة القرار الوطني بالموازاة مع تراجع دور الدولة الاقتصادي و هشاشة الرأسمال الخاص. - على المستوى السوسيولوجي: ستساهم الثورة الديمغرافية رغم بطئها في موت المدينة كفضاء سياسي منتج للفعل الديمقراطي وستتحول السياسة بمفهومها العام إلى سياسات تمارس داخل غيتوهات معزولة عن بعضها البعض. الملكية: هل نتجه فعلا إلى ملكية برلمانية؟ وهل نحن محتاجون إلى ملكية برلمانية كالملكية الاسبانية؟ بغض النظر عن هذا النموذج أو ذاك، فإننا نحتاج إلى تحديد واضح لوظائف الملكية في المغرب: وظائفها المؤسساتية و السياسية. فالخروج من دائرة الغموض لا بد و ان يساهم بشكل كبير في تحديد الاولويات والأهداف. مع الأسف خرج دستور 2011 من رحم الدساتير السابقة و كرس نموذج ازدواجية السلطة التنفيذية في سياق سياسي يختلف جذريا عن سياق نشأة الجمهورية الخامسة. نحن أمام دستور سيعيد لا محالة السؤال حول دور الملكية و حجم اختصاصاتها (ولو كانت ضئيلة) و سيعيدنا إلى نقطة الصفر في الوقت الذي نحتاج فيه إلى حوار وطني صريح حول الدستور يجمع كل مكونات الطيف السياسي حتى اللاشرعية . لذلك فدستور 2011 لا يمكن أن يكون إلا دستور انتقاليا سيتأثر لا محالة بتطورات القضية الوطنية و حجم الاحتقان الاجتماعي. -التيار الإسلاموي: الإيديولوجيا المعولمة في خدمة الربيع العربي-الأمريكي التيار الإسلاموي في المغرب هو مزدوج الشرعية. فمن جهة هناك السياق العالمي، إيديولوجية جديدة في خدمة توازن جديد.
ومن جهة أخرى هناك حاجة الدولة إلى توازن اجتماعي جديد. هذه أطروحة تقليدية لكنها تختلف اليوم باختلاف السياق. فنحن أمام تنظيم عالمي- على الأقل على المستوى الإيديولوجي - وصل إلى الحكم في أقوى دولة عربية. فإلى أي حد سنحافظ على السيادة الوطنية في ظل هذا الوضع؟ يمكن لهذا التيار أن يشكل أحد أعمدة بناء الدولة الوطنية الديمقراطية . إذا ما هو تحلى بالشجاعة وقام بمراجعة إيديولوجية لاختياراته الدغمائية (مرجعية القيم) ويمكن أن يتحول إلى تيار في خدمة أجندة خارجية (ولو بدون وعي) - هل أنتهى مشروع الحركة الوطنية؟ من الناحية التاريخية يجدر بنا التمييز بين الوطنية المغربية والحركة الوطنية في مفهومها المتداول على إعتبار أن الأولى سابقة في نشأتها عن الحركة الوطنية التي نشأت عقب إصدار الظهير البربري سنة 1930 «عبد الله العروي ESQUISSES HISTORIQUES» وبالفعل يلاحظ عبد الله العروي أن الحركة الوطنية المغربية لايمكن اختزالها في هذه الحركة السياسية المدينية التي نشأت فيما بعد الكفاح المسلح وماقبل المقاومة لسنة 1953 ، بل هي جملة الردود عن الضغط الخارجي الممتد لقرون حيث لاتعدو المقاومة بكل أشكالها بما بعد الحماية الفرنسية إلا إمتدادا لها وأحد تعبيراتها إذا استندنا إلى هذا التمييز، فإن مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية لازال قائما، لكنه يفترض نخب جديدة وآليات جديدة فنحن نعيش نهاية الكتلة الديمقراطية كمشروع سياسي وليس نهاية الحركة الوطنية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.