"الرميد الحقوقي، والرميد السياسي"، صفتان تتنازعان وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، أقر بهما خلال حديثه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثاني لمنتدى الكرامة لحقوق الإنسان، التي احتضنها المعهد العالي للقضاء، يوم الأحد 29 أبريل 2012. وفيما يشبه البوح الصادق اعترف الرميد (رجل السياسة طبعا) بميله الشديد إلى الدفاع عن حقوق الإنسان، وتجلى ذلك في قوله بالحرف " كنت أجد راحة وحلاوة، في دفاعي عن حقوق الإنسان من موقعي الحقوقي". المتابع لحديث المصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، يكتشف بغير قليل من التفكير أن الرميد، تعتريه من حين لآخر نوبة "نوستالجيا" إلى موقع الدفاع عن حقوق الإنسان، مثل أي محامي انتقل إلى منصة القضاء (الجالس أوالواقف)، ينتابه في كل لحظة حنين إلى ارتداء البذلة السوداء، من أجل الترافع بشراسة عن الحقوق والحريات، قد يتعامل معها القاضي ببرودة "التقنوقراط" الذي يطبق المقتضيات القانونية بحرفية المذهب الظاهري. بدا أيضا من خلال كلام الرميد، أنه يحاول إيجاد الملائمة (مثل ملائمة القوانين) بين روحه الحقوقية المتوثبة "المُشاغبة أحيانا"، وبين منصبه الحكومي الجديد الذي يتطلب أخذ مسافة بين الذات والموضوع، فضلا عن إكراهات العمل الوزاري، لكن رغم ذلك "الرميد السياسي، ينسجم تمام الانسجام مع الرميد السياسي". وفي هذا الإطار طمأن الرميد، رفاق الأمس من النشطاء الحقوقيين المنتمين لجمعيته، ولجمعيات حقوقية أخرى، عن عدم تخليه عن قناعاته الحقوقية، وبأن منصبه الجديد لن يتسبب له في أي "ردة حقوقية"، سيظل بكل بساطة "حقوقيا" في ثوب "وزير العدل والحريات". وهو الثوب الذي ألبسته إياه، رياح الربيع الديموقراطي، جرت بما لم تكن تشتهيه سفينته التي قرر ربانها (الرميد طبعا) قبل انتخابات 25 نونبر 2011، الإبحار بها في بحر إسمه "حقوق الإنسان"، لكن هبوب رياح الربيع أرجعت سفينة الرميد إلى بحر "السياسة"، وهما البحران اللذان يحاول وزير العدل الحالي ان يجعلهما "بحران يبغيان"، يخاطب أصدقائه "وإن كنت وزيرا، لا زلت حقوقيا ولن تجدوا مني إلا الدعم". وفيما يشبه ما يمكن أن نسميه بالتهديد بالاستقالة في حالة تعارض قناعاته الحقوقية ببعض مواقفه السياسية، أكد الرميد "لن أتردد في الحسم أمري لفائدة قناعتي الحقوقية، لأنها قناعة نابعة من إيماني العميق بحقوق وكرامة الإنسان التي تعلو على أي اعتبار"، وهي الإشارة التي التقطتها مُنشطة الجلسة جميلة مصدر، عضو منتدى الكرامة، قائلة " شكرا للشق الحقوقي في الرميد".