أشم رائحة عنصرية بغيضة في الحملة التي يقودها حزب العدالة والتنمية ضد فيلم وثائقي عرضته القناة الثانية عن اليهود المغاربة في مدينة تنغير. من شاهد ذلك الفيلم لا بد أن يتأثر بمشهد بعض اليهود الذي مازالوا يتكلمون الأمازيغية ويحنون إلى المكان الذي عاشوا فيه طفولتهم وعاش فيه آباؤهم وأجدادهم، ولا بد أن يتأثر أيضا بالهوية المشتركة والعادات التي كانت ومازالت تجمع بين المسلمين واليهود في تلك المنطقة من المغرب، حيث يصعب الفصل بين المكونين بسبب كل ذلك التساكن والتمازج الذي حصل في ثقافة الناس من خلال الغناء والطبخ والموسيقى واللباس.. لم يكن موقف الإسلاميين العنصري مفاجئا، لأنهم يخلطون كعادتهم بين اليهود وبين إسرائيل الدولة، إلا أن المفاجئ هو موقف الحزب الاشتراكي الموحد، اليساري يا حسرة، الذي استطاب هو الآخر أن يكون عنصريا بمبرر التطبيع ونصرة فلسطين. وصف وزير الاتصال مصطفى الخلفي توقيت عرض الشريط بغير المناسب، كما لو أن الحديث عن هوية المغاربة المشتركة والمتعددة يعتبر جريمة في نظره، وكما لو أنه يريد أن يلغي هذا المكون من التاريخ وأن يعيد كتابته حسب هواه، كما فعلت النازية وباقي العنصريات الأخرى. في ثورة ماي 68 الطلابية رفع المتظاهرون شعار"كلنا يهود"، وهو الشعار ذاته الذي يجب أن يرفعه كل من يحس بالخطر الذي يهدد هويتنا بعد صعود العنصريين إلى الحكم، الذين يسعون إلى استيراد هوية مشرقية وفرضها علينا بالقوة، ضدا على الدستور الذي يؤكد على الرافد العبري باعتباره أحد مكونات الهوية المغربية، وضدا على تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا. إن الحملة المسعورة على هذا الشريط وإسقاط تهمة التطبيع مع العدو عليه هي حيلة لم تعد تنطلي على أحد، وتخفي في طياتها موقفا عنصريا لا لبس فيه، وتعني العداء لكل المغاربة اليهود، وللمغاربة عموما، وللعيش المشترك بيننا، وأساسا لمغاربة يهود عرفوا بمواقفهم المناهضة لدولة الاحتلال الإسرائيلي وباعتزازهم بهويتهم، وعلى رأسهم الراحلون الكبار إبراهام السرفاتي وإدمون عمران المليح وشمعون ليفي...