تنتظر العدالة المغربية طريقا طويلا لإخراجها من التخبط الذي تعيشه مختلف القطاعات المرتبطة بها، فبعد المكانة التي منحها الدستور بجعل السلطة القضائية مستقلة وتبوئها مكانة تسمح بممارسة السلطة القضائية بشفافية وارتبط تام بمبادئ الدمقرطة والشفافية وتوطيد ثقة المواطنين في قضاء مستقل نزيه وفعال. هذه الأهداف تصادف معيقات عدة رصدتها وزارة العدل والحريات في تقريرها الذي ستقدمه اليوم ( 28 مارس 2012 ) في كلمة وزرها مصطفي الرميد أمام لجنة العدل التشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب بمناسبة مناقشة الميزانية القطاعية لوزارة العدل والحريات. التقرير قدم تشخيصا مفصلا لواقع العدالة بالمغرب إذ تحدث عن ضرورة الإسراع بتنزيل مقتضيات الدستور بشأن السلطة القضائية، وإعداد القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والقانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة. ورصد تضخم في عدد الوحدات القضائية : 110 محكمة موضوع، و178 مركزا للقضاة المقيمين نصفها غير مشغل يتعين إعدادها لتفعيل قضاء القرب، وسجل بطأ في البت وتطور غير متكافئ بين القضايا المسجلة والقضايا المحكومة والأحكام المنفذة.
ولاحظ التقرير التوزيع الغير مناسب للموارد البشرية وكذا الحاجة لإعادة هيكلة الهياكل الإدارية نظرا لتمركز إداري على مختلف المستويات، مع ضعف في هيكلة كتابة الضبط، وغياب سياسية جنائية متطورة.
وفي ما يخص الميزانية المخصصة لقطاع العدل وقفت الوزارة على ضعفها الذي يوثر على جهود ومبادرات الإصلاح، وكما جاء في تقرير بلغت الميزانية القطاعية للوزارة سنة 2012 ما مجموعه 3.146.060.000 درهم بما في ذلك نفقات الموظفين أي ما يشكل 1,88% من الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2012، علما بأن نفقات موظفي الوزارة تبلغ 2.261.060.000 درهم، بينما تبلغ نفقات المعدات والنفقات المختلفة 311.000.000 درهم، وميزانية الاستثمار 574.000.000 درهم.
كما سجل التقرير قصورا في البنية التحتية للمحاكم وصعوبات من حيث الولوج إلى القانون، وغياب اعتماد المعلوميات في الإدارة القضائية، وصعوبات في تفعيل ومواكبة تطبيق القوانين الجديدة، وقصور في انفتاح مبادرات الإصلاح القضائي على المجتمع المدني، وكذا نقص في تكوين وتأهيل الأطر والموظفين. وتطرق التقرير في تشخيصه لمعضلة الإضرابات إذ سجل ضياع 46 يوما من العمل في سنة 2011 تسبب فيها إضراب كتاب الضبط في نفس السنة مما أثر على أداء المحاكم حيث أصبح المخلف من القضايا يقدر ب 915.305 قضية. وللخروج من نفق المعيقات والتحديات التي تعيق تطور قطاع العدل بالمغرب قدمت الوزارة مقترح منهجية لتنفيذ مبادرة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، ومشروع أرضية مخطط الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة 2012 – 2016. في ما يخص منهجية التنفيذ اقترحت الوزارة إشراك مختلف الفعاليات في تحمل مسؤولية الإصلاح، والوصول إلى أرضية مشتركة وتوافق اجتماعي بشأن إصلاح كافة مكونات منظومة العدالة، ووضع ميثاق لإصلاح منظومة العدالة ولتنفيذ المبادرة اقترحت لجنتين هما الهيئة العليا للحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة و هيئة إدارة الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة تتفرع عنها لجن موضوعاتية.
وبخصوص مشروع أرضية الإصلاح، تقدم " كود " بعض الخطوط العريضة للمشروع التي تتمثل في توطيد الثقة والمصداقية في القضاء المستقل والنزيه والفعال، تسهيل ولوج المواطنين إلى العدالة والقانون، والرفع من شفافية وجودة الخدمات القضائية، وضمان سرعة الإجراءات، تأهيل منظومة العدالة وتحديثها، تعزيز استقلال القضاء والنهوض بالمؤسسات القضائية، تعزيز استقلال القضاء والنهوض بالمؤسسات القضائية، تبسيط المساطر بما يحسن مناخ الاستثمار، وتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، لاسيما مراجعة قانون المسطرة الجنائية ومجموعة القانون الجنائي في إطار الملاءمة مع التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان، وخلق وحدات للمساعدة القانونية المجانية، وتشجيع الوسائل البديلة لحل المنازعات، التكوين المستمر للقضاة والموظفين ومختلف مساعدي القضاء، والرفع من مستوى الخدمات الاجتماعية لقضاة وموظفي العدل، استخدام التكنولوجيا الحديثة، و بناء المحاكم والمركبات القضائية. واعتبرت الوزارة الأرضية والمسودة مجرد مشروع وهما مطروحان لنقاش.