[email protected] شهدت جلسة مجلس الأمن الدولي حول الصحراء، مساء الاثنين، والتي تم خلالها اعتماد القرار رقم 2703 الذي يجدد الولاية الانتدابية لبعثة الأممالمتحدة في الصحراء "مينورسو" لمدة سنة كاملة، تقديم فرنسا لتعليق قد يُفهم منه بعث إشارات للمملكة المغربية في سياق محاولتها ترميم العلاقات مع الرباط، علما بأنها تغاضت عن التعليق في أعقاب جلسة اعتماد القرار السابق رقم 2654، واكتفت بالصمت في سياق البرود الذي تعرفه علاقات البلدين. الواضح في البيان الفرنسي، الذي تلاه المندوب الفرنسي، أنه تماهى مع التصور المغربي، بيد أن ذلك التماهي ليس نتيجة لمحاولاتها التقرب من المغرب أو بعث إشارات إيجابية فقط بل لوجود عدة أسباب اخرى على الأقل -دون العودة للجزائر-، في الوقت الذي كان فيه المغرب قد أوضح بشكل صريح كيفية التماهي مع نظرته لتسوية نزاع الصحراء ووجهها للسبيل الكفيل بترميم العلاقات. هذا السبيل الذي رسمه المغرب هو التعبير الصريح عن الموقف من نزاع الصحراء والتأكيد على السيادة الوطنية والوحدة الترابية، علما أن التعبير الفرنسي الوارد في جلسة مجلس الأمن غير كافي، وهو تعبير عادي متعارف عليه واعتادت عليه فرنسا ودول أخرى "بوجهين"، بمعنى أن إبداء موقف يتسق مع الوحدة الترابية للمملكة المغربية وسيادتها على الصحراء في الجلسة غير كافي ويجب أن يكون مؤسساتي، على غرار الاعتراف الأمريكي والإسرائيلي والإسباني، والذي أخذ طابع الرسائل الرسمية المتبادلة بين أعلى هرم في تلك الحكومات والاتصالات الهاتفية لتأكيد الموقف بعيدا عن المواقف المعبر عنها فمجلس الأمن والمختصرة في بيان يتلوه سفير. وبالعودة للبيان الذي تلاه السفير الفرنسي ممثلها الدائم لدى الأممالمتحدة، نيكولا دي ريفيير، فقد شدد على "تأييد فرنسا لتسوية سياسية عادلة ودائمة ومقبولة للأطراف بحسب قرارات مجلس الأمن ، مذكرا بالدعم التاريخي الثابت والواضح من فرنسا لخطة الحكم الذاتي المقترحة من المغرب منذ 2007′′، وكلمة كلاسيكي وتاريخي لم تأتي عبثا ما يحيل على اعتماد ذات الموقف الذي تذمر المغرب منه، والذي يشير إلى الدعم فوق الطاولة والتخاذل تحتها، والأكثر من ذلك أن مسألة التعبير عن دعم مبادرة الحكم الذاتي لوحدها غير كافية، بل يتوجب إردافها باعتبار المبادرة الأساس الوحيد لتسوية الملف، وهو ما لم تقله فرنسا في الجلسة، علما بأن حتى قرار مجلس الأمن أمس أثنى على المبادرة في ديباجة القرار 2703. الموقف الفرنسي من نزاع الصحراء في جلسة الاثنين سببه ليس التقرب من المغرب، وإن كان كذلك، فليس بالدرجة الأولى، ولكن "مكره أخاك لا بطل"، نتيجة للضغط الأمريكي الذي يولده صياغتها لمشروع قرار مجلس الأمن ومسؤوليتها عنه بصفتها حامل القلم، أي أن الدعم الفرنسي لمقترح الحكم الذاتي سببه الأول ليس سعيها لعلاج مكامن الخلل في علاقاتها مع المغرب، بل يعد تماهيا كلاسيكيا تاريخيا واضحا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، لاسيما في ظل تبعيتها الواضحة لها وحماية واشنطن لها والشراكة التي تقودها الإدارة الأمريكية معها خاصة على مستوى الأزمة الروسية وبعض الملفات الإفريقية، وبالواضح لا يمكن لفرنسا رفض أو معارضة مشاريع القرارات الأمريكية، وهنا نطرح سؤال وهو هل سبق لفرنسا معارضة أي مشروع أمريكي على الأقل في العقد الأخير؟ بالطبع لا وبالتالي فإن هذا الاتساق يجب إسقاطه أيضا على مشاريع القرارات حول الصحراء. خلاصة القول هو أسئلة موجهة لفرنسا بحد ذاتها: إذا كانت فرنسا حقا تدعم مبادرة الحكم الذاتي، فلماذا تعبر عن ذلك فقط في مجلس الأمن؟ ولماذا لا يكون ذلك عبر رسالة من الرئيس الفرنسي على غرار إسبانيا وإسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية؟ ولماذا لا يتم إرداف دعم مبادرة الحكم الذاتي بجملة "كأساس وحيد لتسوية ملف الصحراء" على غرار الدول المعترِفة.