منا من يحب الدم، وهناك من يحب الدم المراق ويشتهيه، ومنا من يحب أن يسفكه، ومن يتمنى أن ينز منه كي ينتعش. لذلك رأيناه غزيرا هذه الأيام، وفاضحا، في لعبة خطرة بين طرفين يتمتعان بلونه الأحمر القاني.
السلطة تشج الرؤوس والضحايا يتلذذون بالدم، لأن لا قمع يستقيم بدونه، ولا هيبة للدولة إلا به.
ليسل إذن، ليسل غزيرا، كي ينتشي العدليون ويقتربوا من الخلافة، ليسل الدم أحمر كي تقول الدولة أنا هنا، ولا أحد غيري في هذا البلد.
تتذكرون حكاية الفيديو المبتور، فيديو الدم الذي ليس دما، والساحات المليئة بالدماء التي يتمناها صاحبها ولا يريدها، لقد تحقق جزء من أمنيته غير الكاملة هي الأخرى، وغير المصرح بها، لأن شهية الدم لا تأتي بالكلام ويلزمها التطبيق والقتل والسكاكين، لذلك كان كلامه ناقصا ومحرفا، كأن ذكر الكلمة لا يستحق أن يعد لوحده جريمة.
التلاميذ خرجوا لنصرته، لأن أستاذهم لم يكن يعني الدم، كان يتحدث بالمجاز والاستعارة، ما أرقى وعي الأجيال الصاعدة كي يدافعوا عن أستاذهم الذي كان يعني الوردة لأنها هي أيضا حمراء، ولم يكن يقصد الدم.
وتتذكرون أيضا الدم الذي يسيل كل أحد، إنه دم استفزازي كما تقول السلطة، ودم خارج القانون وغير مرخص له، ولذلك يضمخ إسفلت الشوارع، ليراه العالم وهو يخرق النظام.
إنهم الساديون حلفاء المازوشيين في فيلم مرعب تدور مشاهده في شوارع المغرب، حيث يتبادل الطرفان لذتهما على حساب بقية المغاربة الذين لا يحتملون النظر إلى نزوتهما الشاذة.
نريد مزيدا من الشهداء !
كان ضروريا أن يموت شخص لنسميه شهيدا، لأن الثورة لا تستقيم بدون ضحايا وشهداء يصعدون إلى الجنة.
كان ضروريا جدا أن يموت واحد، ولا بأس أن يقع الثاني والثالث، لأن البلدان العربية فعلت ذلك، ولذلك نجحت ثوراتها.
نحن الآن لدينا شهيد، وعلينا أن نفتخر لأن القوات العمومية قتلته، ما أروعنا، لقد اقتربنا من ليبيا مثالنا الأعلى، ومزيدا من القتلى حتى نصبح سوريا، ما أجملنا، هيا نقتل بعضنا، لنظهر في الجزيرة، التي لا تفهم إلا معارضة الدم والشهادة، ولا تفهم أبدا ما هي الأحزاب والسلطة المضادة، لأنها غربية وكافرة ودخيلة على هويتنا.
هيا، لنحم هويتنا، لنلتحم بأشقائنا العرب، لنعد إلى أصلنا، ما أحلى الشهادة، ما أحلى السلطة التي تقتل بدم بارد، ما أحلى المواجهات في الشوارع، ما أحلى السلاح، ما أحلى السيارات المفخخة، ما أحلى الكمائن، ما أحلى الوحدة العربية.
نريد مزيدا من الشهداء لنرفع صورهم ونمشي خلف جنازاتهم، ما أجمل العويل، ما أجمل الموت، لا حل إلا بالاحتقان وتأزيم الوضع، هيا، هيا، لنؤزم المغرب، ما أجملنا ونحن على شفير الهاوية، لنسقط جميعا، هيا، هيا، لنرحل جميعا، هذه أرض تستحق أن تبقى خلاء.
بيان "الشارع لنا"
ما دمنا قررنا أن نحتج كل يوم أحد، فعلى الدولة ألا تكون موجودة، وعليها أن ترحل، وأن تتركنا نفعل ما نريد في الأحياء، وأن نحتل الشوارع وننظم الناس ونحاكم من يقف ضدنا بدلها.
القانون أيضا عليه أن يتوقف، ولا شريعة إلا شريعة الثورة والاحتجاج، ولا صوت يعلو على صوت الجماهير.
وذلك الشخص المدعو ماكس فيبر والذي قال إن دور الدولة هو احتكار العنف المشروع، هو عميل للمخزن، ويشتغل لصالح السلطة، وعلينا أن نحاكمه ونخونه، وحين ننتصر سننصب له مشنقة، ليكون عبرة لأمثاله.
الدولة انتهت منذ 20 فبراير، والفرصة مواتية لننقض عليها، الدولة ضعيفة وخائفة، لنهزمها الآن، إنها فرصتنا المواتية وعلينا ألا نضيعها.
الشارع لنا، لنسرق هذا الشعار الجميل من أجمل ثورة في التاريخ، ولنكن أيضا واقعيين ونطلب المستحيل، وليختلط الأحمر والأخضر، والظلام والحرية، فالشارع لنا وسنقبع فيه إلى أن تزول المؤسسات وتزول الدولة والفساد والأغنياء والشرطة والمحاكم والديمقراطية. نحن أحباب الله، الله معنا، نحن أنصار الشعب، والشعب معنا، نخبركم أننا ضمخنا لحية ماركس بالحناء، وألصقنا للشيوخ والدراويش شوارب ستالين وألبسناهم بزته العسكرية، وخلطنا الجميع لنحصل على برودون جديد في نسخة مغربية إسلامية خالصة وغير قابلة للتقليد، يعتبر الدولة هي أصل كل بلاء وأن الملكية هي السرقة، وعاشت الفوضوية الجديدة في طبعتها المزيدة والمنقحة. الله أكبر، وعاش لينين وباكونين وابن تيمية، وسيبقى الشارع لنا إلى أن يحتله الشيخ، وإنها لثورة حتى النصر الذي سنتقاسمه بيننا بالعدل ، وسينال أهل الجنة في الأرض نصيبهم في الأرض وأهلها في السماء نصيبهم في السماء.