أما آن لنا أن نستيقظ من هذا البيات الطويل؟ هي عقود من الغيبوبة وسنوات من الموت السريري، منذ بارقة الاستقلال الموؤودة إلي حالات الاستثناء والآمال المقطوعة وفترات الرصاص الملعلع في صدور الأبرياء والشرفاء، ونحن نتحين هبة حرية و نسمة انعتاق. توالت علينا النكبات والنكسات وتجرعنا مرارة الخيبة وذل الانكسار، وكل المحاولات ذهبت ريحها وبعنا الحمار ودخلنا في مسلسل التواطؤ ولم نجن غير النكوص والانصياع. ها هو خريف الغضب يبرعم الذوات الذابلة والمنكسرة ويفتح كوة صغيرة نطل منها على خوفنا وهواجسنا ونخرج من جبة المقاس المفروض لنمزق طبلة السكوت ونطلق لحناجرنا فرامل التكميم لنصعق الواقع بحجر الانفلات. فعلها محسن حين أنعش فينا الكرامة وأحيا براعم العزة وكسر سراب القيود بدم الشهادة. فعلها محسن حين غير المستكين والخانع إلى صوت مجلجل غمر القلوب ووحد العشق وعمم لغة كفى من التضليل والتدليس والدوس للإنسان المغربي الذي آ ن له أن يستعيد آدميته ويعلن عن بداية تليق بانتمائه إلى أسود الريف.