يشرفني أن أتوجه بهذه المناسبة الأممية التي تحتفل بها كل شغيلة العالم باليوم العالمي للشغل، بخالص التحايا للموظفات والموظفين المغاربة مهنئا إياهم على المجهودات التي يبذلونها باستمرار بغية الارتقاء بمرافقنا العمومية من أجل الإضطلاع بالأدوار النبيلة المنوطة بها دستوريا على أحسن وجه خدمة للمواطنين والمواطنات. وفي إطار مواصلة الإصلاحات الضرورية للارتقاء بالمرفق العام خدمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلادنا، اعتمدت الوزارة برنامج عمل طموح يحتل فيه تثمين الموارد البشرية مكانة متميزة. وفي هذا الصدد، فإننا منكبون على إعداد جملة من الأوراش الإصلاحية الهامة، وفي مقدمتها ورش المراجعة الشاملة للنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية الذي يضع تثمين الموارد البشرية وتحفيزها على أسس ومعايير شفافة ومنصفة في قلب هذه المراجعة المتوخاة، وذلك من خلال مأسسة الآليات الحديثة لتدبير الموارد البشرية من قبيل التكوين المستمر وتقييم الأداء والدلائل المرجعية للوظائف والكفاءات ووضع معايير موضوعية تساهم في تعزيز المساواة الأجرية بين جميع الموظفات والموظفين. وفي إطار حرصنا على تحقيق مبدأ المناصفة بين الموظفات والموظفين وتكريس مأسستها وجعلها رافدا في إقرار وضعية عادلة ومنصفة للمرأة بالوظيفة العمومية، فتحنا ورشا هاما يتوخى إدماج مقاربة النوع الاجتماعي في الوظيفة العمومية من خلال إحداث مرصد لتتبع إدماج مقاربة النوع بالوظيفة العمومية، مع استحضار هذه المقاربة في كافة الاوراش التحديثية، بما سيساهم في النهوض بوضعية المرأة بالوظيفة العمومية. وانطلاقا من أهمية الاستثمار في الموارد البشرية باعتبار ها رافعة أساسية لتحقيق التنمية البشرية، فإنه لا يفوتني التذكير بالجهود الحثيثة التي بذلت في السنين الأخيرة من أجل تحسين الوضعية الاجتماعية والمهنية لمواردنا البشرية، إيمانا منا بدورها الإنتاجي المبدع والخلاق في ضمان فعالية الوظيفة العمومية ومهننتها، كشرط لا غنى عنه، لتقديم خدمات عمومية ذات جودة استجابة للانتظارات المتزايدة للمواطن والمقاولة. وفي إطار جولة أبريل للحوار الاجتماعي لهذه السنة تم اتخاذ جملة من التدابير لفائدة الموظفين ستعزز، لا محالة، مكتسباتهم المادية والمهنية، ولعل أهمها: 1- تنظيم الأعمال الاجتماعية للإدارات العمومية في إطار منظومة جديدة تمكن الإدارات من إسداء خدمات اجتماعية من نقل وترفيه وسكن وقروض لموظفيها وذوي حقوقهم، على أسس تضمن المساواة والإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع المنخرطين؛ 2- مراجعة المنظومة القانونية المتعلقة بحوادث الشغل والأمراض المهنية ومعاش الزمانة؛ 3- إعداد منظومة منسجمة حول الصحة والسلامة المهنية وطب الشغل والوقاية من الأخطار المهنية؛ 4- مراجعة الأجور الدنيا في الوظيفة العمومية على أساس أن لا يقل الأجر الصافي الشهري عن 3000 درهم، وسيشمل هذا الإجراء ما يناهز 73 ألف موظف بالإدارات العمومية وما يقارب هذا العدد بالجماعات الترابية؛ وفي سياق الجهود المبذولة لتدعيم مسار تحديث الإدارة العمومية، فإن الحكومة إيمانا منها بالدور المحوري للمركزيات النقابية كشريك أساسي في مسار كل إصلاح، حريصة كل الحرص على مواصلة وتكثيف الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية من خلال التشاور حول مختلف القضايا بغية الوصول إلى توافقات بناءة بشأن جميع الإصلاحات المهيكلة التي نراهن عليها جميعا، وبلورة هذه التوافقات في ميثاق اجتماعي يشكل دعامة أساسية ليس فقط في تحسين العلاقات المهنية وتطويرها، وإنما في التأسيس لوظيفة عمومية مهنية قادرة على الانخراط في مسار استكمال البناء المؤسساتي الديمقراطي لبلادنا، و على تجاوز الإكراهات الناتجة عن الظرفية الاقتصادية والمالية وكسب تحدياتها.