بغض النظر عما يثار من حين لآخر من ملاحظات في بعض مسلكيات هذا الكاتب أو ذاك. وهو موضوع يغري كتابا آخرين فيكتبون فيه بنوع من المتعة لايخفى على القارئ. إن الكتاب هم مواطنون، لهم مالهم وعليهم ما عليهم في الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية وفي ميدان العمل...وبالخصوص في المجال الثقافي الشائك. ولاشك أن رغبة هؤلاء المنتقدين هي تصحيح اختلالات عايشوها أو سمعوا عنها ،في حقل ي فترض ان يكون حقلا للقيم الرفيعة والمبادئ السامية. وهم لا يقبلون أن يتصرف كاتب وكأنه غير قادر على التمييزبين الحسن والسيئ، خاصة وأن الصورة الموروثة والمنتظرة حول الكاتب تجعله صاحب رسالة فنية وففكرية وأخلاقية أيضا ليس المقصود هنا التماس العذر لأحد أو لأي تصرف مشين ، بل المقصود هو نوع آخر من الانتقاد يذهب إلى حد الشطط بحثا عن قدر من الوصاية والسلطة المعنوية في التصدي لفئة واسعة من الكتاب (يسهل عضهم)، كحال بطل جوجول في قصته الشهيرة "المعطف". يظهر وكأن هؤلاء المنتقدين يراكمون سلطة رمزية، دون أن يثيروا بنفس الحماس الجانب الآخر المسكوت عنه في سيرة هؤلاء الكتاب. ذلك الكدح الذي يقبل عليه الكتاب راضين، لأنهم وحدهم يعرفون سر مايتقاضونه معنويا مقابل ذلك. أغلب هؤلاء الكتاب يتكبدون عناء الكتابة والرقن بموازاة مع القيام بأعمالهم التي يحصلون منها أقواتهم. ثم تأتي مرحلة البحث عن دار للنشر غالبا ماتتقاضى إلى جانب العرق ثمنا إضافيا. هذا هو حال معضم دور النشر، فهي لاتنشر كتابا إلا بضمانات مسبقة، يدفع ثمنها الكاتب نقدا أو استغلالا كاملا لحقه. وبعد أن يطبع الكتاب، على الكاتب توزيع كتبه بهذه الطريقة أو تلك. أغلب الكتاب يظلون أبدا سائرين في هذه البداية. هذا هو المسار المألوف لكاتب عاد، طموحه لا توقفه كل هذه المثبطات، ناهيك عن ممارسات صادرة عن عقليات لا ترى في الوطن إلا حدود القبيلة أو الحزب أو حلقة المعارف والمقربين، وهي تظل نكوصية بدائية حتى و إن أحتمت بمؤسسات أو جمعيات ذات نفع عمومي. كم تضيق الطريق وكم يتسع الأفق.