هل تتحمل الق.ق.ج كل هذه الأعباء؟ التواصل أفقيا مع التراث الثقافي المتنوع وعموديا مع اليومي والواقع؟ الحضور الكلي؟ وغيرهما؟ هي ليست أعباء، بقدر ماهي آليات بلاغية على كاتب ال.ق.ق.ج أن يتمتع بها. كل تلك الأدوات والخصائص الشعرية تحضر في تزامن، لأن النص ينكتب في فضاء محدود وفي لحظة زمنية تتجه إلى الحد الأدنى. مايسمى بالومضة يفسر هذا الاتجاه إلى الحد الأدنى فضائيا وزمانيا. كلمات قليلة عليها أن تملك من الشجاعة والجدارة مايؤهلها لأن تكون مقبولة وذات معنى،مثل رمية سهم. إنها اللحظة الأخيرة التي يتحقق فيها الهدف .وينبغي تصور ذلك المقروء المكثف المعجون بالتجربة والموهبة...إن خطوات الماقبل تتجسد في لحظة واحدة. يتحدث كتاب من أمريكا اللاتينية عن جانب بيداغوجي في ال.ق.ق.ج، يتمثل في كونها مادة مرنة تيسر عمليات القراءة مدرسيا وأكاديميا. ويمكن أن نضيف توجها ثانيا للبعد البيداغوجي، ربما هو أكثرعمومية. إنه ذلك الوجه الإبستمولوجي الذي يفسر انتماء ال.ق.ق.ج إلى حقل قريب من أنماط كتابية شذرية، في الفلسفة والتصوف خصوصا. يعني ذلك الدفع بالقراءة إلى احتمالات مفتوحة والإشراف على مناطق غير مأهولة بما فيه الكفاية؟ ال.ق.ق.هي محرض أو محفز على الإلتفات إلى كل الجهات، دون أن تغادر انتماءها السردي القصصي، فجماليتها وشعريتها يتضمنان هذه الإقامة في النوع والجنس، كما يتضمنان هذا الترحل القرائي إلى التخوم الفلسفية. طبعا ليست كل النصوص معدة لهذه الغاية. مع ذلك فهي تحشد ما يكفي من الدهشة لتقول مبدئيا (هناك شيء مهم أود قوله...بكلمات قليلة وبطريقة خاصة...إلى درجة أن تصبح لكل كلمة قيمة كبرى، وأحيانا يصبح حرف واحد حاسما). نختم هذه الكلمة المختصرة بنهاية قصة للكاتب الإسباني خوان رامون خيمينيث (........وأن كتابا قد يُختزل في يد نملة، لأن الفكرة قادرة على أن توسعه حتى يصبح هو الكون(.