قد يكون عزوف ساكنة أولاد عياد عن تتبع الشأن المحلي أمرا بديهيا..،وقد يكون تعوّدُها أيضا على هذا الوضع العليل شيئا مألوفا في غياب سياسة واضحة المعالم، ونتيجة تكرار تجربة يطبعها اليأس أو الاشمئزاز السياسي، الذي استحوذ على المناخ العام منذ ما يزيد عن عقد ونصف من الزمن، ولا نور في النفق.. زمنيا، يمكن القول وبدون مبالغة أن الساكنة بهذا المركز الحضري، بعد الاستحقاقات الأخيرة، طلّقت الشأن السياسي، وأصبحت ترى في قول الإصلاح ألعوبة.. وفي التغيير وهْم أو مُعجزة.. فهي تربط الحاضر بالماضي وتستنتج أن مستقبل أولاد عياد، قد لا يكون في أحسن أحوال إلا كالأيام الخوالي؟ لكن الآن، وبعدما خرج مشروع الإنارة العمومية من عنق الزجاجة إلى حيز الوجود،وطال أهم شوارع البلدية، وحُدد الزمن الفعلي لانطلاقته في بضعة أسابيع بتكلفة تقدر ب 3186876 درهم، وتم الإعلان على أن شركة" باتي ستار" هي التي ستنفذ المشروع.. بعد كل هذا تحوّلت صيّغ ومضامين الخطاب اليومي بمختلف زوايا النقاش، وأفرز هذا التحول معه بالمقابل سياسة رذيئة، تتكلم وبعد كل هذا الغياب عن مهارات بعض الساسة المحليين، وأمجاد بعض الأحزاب السياسية المُتياسِرة ، وعن قيمة مشاريع أخرى ، انفلتت أوراقها ، بين لغط حوارات عقيمة، في زمن ما، دون أن تتحقق...وأمسى المشروع نتيجة لكل هذا ، وبالمفهوم الوصفي لعامة الناس، إنتاجا سياسيا للصالح والطالح، ونتاجَ نضال وُصِف ب"المرير" للمعارضة والأقلية، وخلاصة تدبير عقلاني لبعض المسئولين عن تدبير الشأن العام ، والناشطين بالشارع خُفية لا جهارا.. وذلكم للإشارة ،وعلى ما أعتقد ، هو إفراز طبيعي لسياسة العقم السائدة، ومنطوقَ حال ساسة الكواليس و الفاشلين في تسيير ذواتهم، قبل تدبير الآخرين (والقول بالفشل هنا على كل حال يبقى لغة وصف لا صفة قدح) ، و صورة عامة متعددة الأبعاد لواقع مأزوم بنيويا، لكن فضاءه يتأثث بأبطال يتقنون لعبة التخفي وقلب الوظائف في المشهد السياسي ،ويظهرون بالقوة لا بالفعل، ويقتنصون الفرص عبر البحث عن خطاب أريحي حتى لو اقتضى الأمر انتحاله من أفكار واقتراحات غريمهم في اللعبة.. الرهان الآن وتجاوزا لإضافة سيناريوهات أكثر قتامة للوضع الحالي، يقتضي التأكيد على أن المغزى النبيل في نهاية المطاف، ليس هو تبني هذا المشروع أو ذاك، أو إضفاؤه على جهة دون أخرى، بقدر ما أن الأهم هو طبيعة المشروع ذاته ،وعمّا إذا كان سيفي بالغرض الذي تريده منه الساكنة، لاعتبارات بسيطة: وهي أن بصيرة التاريخ لا تُخطئ وان الرأي العام وبعد تكرار تجربة الانتظار والبؤس السياسي، أمسى قادرا على التمييز بين شيء اسمهُ" المجلس البلدي" بكل تناقضاته وبين سلطة محلية مغايرة، حملت رهان التنمية بدعم من السلطات الإقليمية في شخص عامل الإقليم، وانتزعت هذا المشروع الهام في ظرف وجيز، واكتست بلغة الشارع صفة"السلطة المُتسلطة" لكن ليس على مصالح السكان كما يدعي بعض السياسويين ، إنما على مشاريع إقليمية استطاعت أن تكشف عن سديمية ظلام مادي ومعنوي، أرخى سدوله كُرها لا طواعيّة على بلدية أولاد عياد مند لحظة مخاض عسيرة، أفرزت كتلة غير متجانسة، اختلفت والعهدةُ على الرواة بسبب قضايا ذاتية، واجتمعت أكثر من مرة لتعلن الكرّة، وتجتر نفس التجربة أمام الملأ، عن استحالة اجتماعها على مشاريع تنموية إلا في ما رغب رب العرش. والغريب في الأمر أنه في خضم هذا الوضع وبحكم طبيعة تاريخ المنطقة الموسوم بالصراعات الملوثة بفيروس السياسة القذرة ،ستبقى السلطة المحلية، مجرد سلطة بزيّها الرسمي/ التقليدي وبالشكل الذي أرادته لها هذه العقليات إلى اجل في أمس الحاجة إلى عقول تؤمن بالاختلاف. وبالرغم من كل هذا، سيشكل مشروع الإنارة العمومية/المولود القسري في بيئة شبه غير مناسبة، حدثا نوعيا، ليس فقط لأنه سيضفي قيمة مضافة للبلدية ويعطيها بعدا استيتيقيا ، وإنما أيضا لأنه سيجعل الرأي العام يُحاكم ضمنيا تجربة المجلس الحالي، ويتساءل بعفوية عن تقاعسه في تنمية هذا المركز الحضري.. وهو القول ذاته الذي يعني أن رهان التنمية وكما أراد له صاحب الجلالة ، يستحيل توقيفه أحيانا، لأنه غير مرتبط بجهة دون أخرى، فقط أن شرعيته وشرعنته، تتطلب تضافر مجهودات كل المتدخلين في تدبير الشأن العام المحلي، بمعني آخر ، أن غطرسة زيد أو عمر بالمجلس، قد لا تمثل إشكالا..، فكما تستمر الحياة ، تستمر المشاريع وبقدر ما تؤرخ هذه الأخيرة لذاتها في الزمان والمكان بقدر ما تؤرخ لمواقف الرفض والعدول عن المصلحة العامة التي ستجد نفسها مستقبلا( أي المواقف الرافضة) بسلطة من ناموس الصيرورة التاريخية في مزبلة التاريخ. وعليه نقول انه، واهم كل الوهم من يدعي أن أوراقه لن تنكشف، وان حقيقة الأحداث ستُقبر إلى ما لا نهاية! لسبب فيزيقي عادي وهو أن الأحداث ذاتها، وكما تُقدمها كُبرايات المشاهد، ترسُم شخوصها وفضاءاتها.. وتكشف عن سريرية مونولوجاتها وحواراتها حتى لو كانت هي العالمة بكل شيء... فالأحداث تُبنى بإرادة الشعوب، وأحيانا عن غير إرادتها.. والتاريخ وحده هو الكفيل باستعادة تاريخيتها ؟؟