الانتخابات الجزئية ليوم الخميس 28 فبراير 2013,جاءت بعد أسبوع من ذكرى 20 فبراير,فكانت الانتخابات مؤشرة على عدة أوجه. رسائل خاصة إلى الذين يعتقدون أن الاستقرار في المغرب لم يتجاوز بعد مراحله الصعبة, نسبة مشاركة قوية جدا, لم تترك مجالا للحديث عن العزوف الانتخابي. الرسالة الثانية إلى المعارضة الصاخبة داخل البرلمان على أن خطها في التعامل مع حكومة جاءت من رحم انتخابات نزيهة و في بلد اسمه المغرب, لم يعد لمثل هذه المعارضة مجالا داخل الاستعطاف الانتخابي. النتائج أعطت للأغلبية الحكومية كل الدعم الجماهيري لكي تستمر في مشاريعها القوية,والتي تمس بالأساس الجوانب الاجتماعية و الاقتصادية, قد تكون أيضا تجديد الثقة الواعية الذي شكلتها الحكومة داخل الوعي الشعبي,إذا استحضرنا الخطاب القوي و البسيط لرئيس الحكومة الذي أقنع المغاربة بالنيات الحسنة و العزيمة على تبني أداء ناضج و نزيه في كيفية التعامل مع آمال الشعب . إن الهدية التي قدمتها الحكومة للمعارضة لم تتمكن هذه الأخيرة من استغلال ذلك لضرب شعبية الحكومة و احتلال مواقعها, الزيادة في المحروقات وقدرة رئيس الحكومة على الحفاظ على شعبية فريقه الحكومي كانت رسالة قوية إلى المعارضة. المعارضة الصاخبة في البرلمان والنقاش الوجودي و الأخلاقي كمنهج لضرب الأغلبية الحكومية أصبح اليوم في خبر كان. الحزب المعارض الذي اشتغل في هدوء وحصل على نتائج مهمة,هو حزب الاتحاد الدستوري,ربما طريقة اشتغاله ستشكل مرجعا للأحزاب المعارضة الأخرى ,وان الاشتغال بنضج ينم على وجود إستراتيجية للحزب في العمل السياسي, الأحزاب الأخرى وصلتها رسائل قوية لكي تغير من تعاملها مع أي حكومة خارجة من رحم صناديق الاقتراع. القراءة الثانية في مايتعلق بالتحالفات الانتخابية ,إن المتفائل في القراءات السياسية و المحلل الذي يرصد المؤشرات عن بعد ,لايمكنه أن يتوقع تحالف حزب يساري مع حزب إسلامي ,الذين يمتلكان كل عناصر الاختلاف ,من المرجعية إلى التوجه العام للسياسات.التحالف غريب لكن حصل. إن التحالف مع حزب التقدم و الاشتراكية, يعطي رسالة واضحة إلى الذين اعتقدوا في وقت سابق أن حزب الإسلام السياسي معزول,وحيد وغير قادر على كسب تعاطف الأحزاب المشكلة للنسيج الحزبي المغربي ,العدالة و التنمية تحالف مع حزب يساري وبكل موضوعية وواقعية.انه درس في الواقعية السياسية و قدرة الحزب على امتلاك أدوات التواصل و الإقناع. إن الخلاصة الصريحة هي: إن حزب الإسلام السياسي دخل مع فريق حكومي قادر على الاشتغال على المشاريع الكبرى و القوية في البلد,ولهم الثقة الكاملة في إنجاح التجربة الحكومية,وبذلك الاستمرار في حصد نتائج النجاح السياسي انتخابيا,انه درس آخر يعني أن العمل الحكومي و المشاركة فيه لا تعني المغامرة بشعبية الأحزاب المشاركة في الحكومة. إن العمل على مشاريع قوية لها علاقة مباشرة بالمواطن و قدرته الشرائية تعني ان حجم التحدي الذي تراهن عليه الحكومة أكبر مما يمكن أن تتسع إليه ولاية واحدة ,و الرهان على الاستمرار في العمل الحكومي سيكون امرأ محسوما,والأغلبية الحكومية الحالية ستشكل محورا أساسيا لدفع المعارضة إلى البحث على ثقافة جديدة للعمل وإلا فلا مبرر لوجودها على الطريقة التقليدية.