سعيد الحاجي بينما كان مقدم الأخبار في النشرة المسائية باللغة العربية على القناة الثانية ( دوزيم ) يوم الأربعاء المنصرم، يسرد معطيات تتعلق بالنقاش الدائر حول دفتر تحملات القناة الذي أثار ولا يزال الكثير من الجدل، عمد في آخر كلامه عن الموضوع إلى الإشارة لمضمون هذه الدفاتر، واختار أن يشير إلى أنها تتضمن تغيير توقيت نشرة اللغة العربية إلى فترة الذروة وكذلك بث نشرتين إذاعيتين باللغة العربية واللغة الأمازيغية، ولم يشر مقدم النشرة إلى أي معطى يتعلق بنشرة اللغة الفرنسية، وهو ما يعطي الانطباع أن هذه الدفاتر لا تتضمن أي نشرة باللغة الفرنسية، الشيء الذي يبعث على التساؤل التالي: لماذا تم تناول مضمون الدفاتر في التقرير فقط من زاوية لغة النشرات الإخبارية وتوقيتها؟ إن في هكذا تناول تمويه واضح للمشاهد حتى يعتقد أن دفاتر التحملات تتضمن هجوما سافرا على التعددية اللغوية والانفتاح الذي يدعي المسؤولون أنه يميز هوية القناة، وهو ما ليس صحيحا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما تضمنته الدفاتر التي غيرت فقط توقيت بث نشرة الفرنسية من وقت الذروة لتحل مكانها نشرة اللغة العربية، وهو أمر يبدو طبيعيا أخذا بعين الاعتبار أن السواد الأعظم من المغاربة تبقى لديهم اللغة العربية هي الأقرب إلى الفهم، وبالتالي فتغيير توقيت هذه النشرة سيحقق نسب متابعة أكبر، ولا ندري ما الداعي إلى احتجاج بعض ( الغيورين ) على إدراج مثل هذه التعديلات. لسنا هنا في معرض الدفاع عن هذا الوزير أو ذاك أو مشروعه، لكننا ندافع عن حق المشاهد المغربي في اطلاعه على حيثيات الأمور بشكل سليم وعادل، ولا يحق أبدا للذين يمارسون التجهيل من خلال وسائل الإعلام الممولة من جيوب دافعي الضرائب، أن يقوموا بهكذا مناورات قصد التبخيس من قيمة الإصلاح، رغم أن آخر من يجب أن يتحدث أو ينتقد أي إصلاح إعلامي كيفما كان، هم هؤلاء الذين يجثمون على الإعلام الذي يسمى عموميا منذ سنوات طويلة. إن التعدد اللغوي الذي يدعي البعض أنه مهدد في الإعلام العمومي، لا ينبغي أن يجعل لغة موليير تهضم حق المشاهد المغربي في برامج باللغة الأقرب إليه، فالتعدد يجب أن ينطلق من إعطاء المكانة الأهم للغتين العربية والأمازيغية العنصرين اللغويين الأساسيين في الهوية المغربية قبل أن نتحدث عن باقي اللغات التي لا يوجد مشكل إطلاقا في تأخير بث نشراتها بعد أن يكون إعلامنا قد لبى رغبات المعنيين الأوائل بالأمر. لقد بدت المناورات الإعلامية التي يمارسها القائمون عنوة على الإعلام العمومي مشكوفة، وهم عازمون على قطع الطريق أمام أي مبادرات إصلاحية، فدفاتر الخلفي مرفوضة ليس فقط لأن واضعها وزير ينتمي لحزب ذي مرجعية إسلامية وأنه يحاول أدلجة الإعلام العمومي كما يدعون، لكنها كانت سترفض حتى لو جاء بها وزير شيوعي، فالرفض ليس خوفا على خط تحريري أو هوية إعلامية ( هذا إن وجدت أصلا )، الخوف على مصالح ذاتية ومصالح لوبيات تعلم أنها وضعت على رأس الإعلام العمومي لأداء مهام محددة أصبح يعرفها الجميع.