تعيش بعض أوجه الثقافة العالمية في ما بسمي اليوم عصر الصورة، حيث أن الصورة أخذت مساحات كبيرة في أذهان الناس واحتلت الصدارة في الصحف و المجلات وأسهمت في تغيير الرأي العام للقضايا الدولية. وتعتبر الصورة إحدى الركائز الأساسية للغة غير اللفظية، فهي تشكل موضوع توتر بين الفضاء و الزمن إنها اعتقال لحظة فعل قصد تخليده...إنها لحظة فعل(فعل الرؤية) أو التفكير أو الحلم. كما أن الصورة هي تسجيل حي وواقعي و تاريخي للحياة العابرة، فما يسجل في لحظة قد يكون خالد إلى فترة من الزمن،و قد يكون دليلا و شاهدا على العديد من الأحداث التي تمر بسرعة البرق، ولا يمكن للذاكرة أن تعود بتفاصيلها كما تفعل عدسة المصور الذي يتمتع بخاصية العين الثالثة وهي الكاميرا ليصطاد اللحظات الهاربة من الزمن ليوثقها فوق الشريط الفيلمي زمانا و مكانا. وقد ساهمت الصورة في تسليط الضوء على المشكلات و الأزمات التي تذخر في بنية المجتمعات المقهورة نتيجة للعنف و الفساد والاستبداد لأمد طويل... إن صور التعذيب و الممارسات الوحشية التي ترتكبها قوات الاحتلال الأنجلوأمريكية في العراق، وما يحدث بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني كشفت عن حقائق مروعة عجزت عن إيصالها الآلف من الأصوات الفصيحة ويكفي أن نذكر على سبيل المثال لا للحصر صورة استشهاد الطفل محمد الذرة التي أدت رسالة عالمية لا يحققها جيش منتصر. مما لا شك فيه أن الصورة بجميع أنواعها تتجرأ في تعبير عن المجتمع و تدفعه لواجهة المشهد الاجتماعي و الثقافي غيران السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح ما هي القدرة الكافية من القراءة المتأنية للمتلقي في عصر ثقافة الصورة بعد أن انتهى عصر ثقافة الكلمة؟ يكتبه