عبارة عن نصيبهم من أرباح الشركات المغربية التي يساهمون في رأسمالها كشف أحد التقارير المرافقة لمشروع القانون المالي الذي أودعته حكومة عبد الإله بنكيران لدى البرلمان السبت المنصرم، عن بعض العوامل المفسّرة للتراجع الكبير في السيولة النقدية لدى الأبناك المغربية المسجل في الفترة الأخيرة، وأبرزها مسارعة المساهمين الأجانب في الشركات المغربية المدرجة في البورصة، إلى سحب أرباحهم المحققة في هذه الشركات، والتي تقدّر بنحو تسعة ملايير درهم خلال سنة 2011 لوحدها. وقال التقرير المتعلق بالمديونية، إن السوق النقدية تميّزت خلال سنة 2011، على غرار السنتين الماضيتين، باستمرار عجز السيولة لدى البنوك، «حيث تفاقم هذا العجز ليصل إلى 24 مليار درهم كمتوسط، مقابل 15 مليار درهم سنة 2010، و17 مليار درهم سنة 2009». وعن الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع غير المسبوق في توفر الأبناك على السيولة الكافية لسير عملها، توقف التقرير الذي أعدته وزارة المالية وأحالته رفقة مشروع القانون المالي للعام المقبل على البرلمان، عند عدة عوامل، أهمها انخفاض مستوى الموجودات الخارجية، «حيث انتقلت من 192.6 مليار درهم في آخر سنة 2010 إلى 168.8 مليار درهم سنة 2011 مسجلة بذلك انخفاضا قدره 12 في المائة». ويعزى هذا الانخفاض، حسب التقرير الرسمي، إلى تفاقم عجز الميزان التجاري، والذي تعمّق بأكثر من 37 مليار درهم، أي بزيادة 27 في المائة مقارنة بالعجز المسجل سنة 2010. ليصل التقرير إلى العامل المرتبط بخروج الأرباح الطائلة للشركات المغربية لفائدة مساهميها الاجانب، و»امتصاص سيولة السوق النقدية المرتبط أساسا ببعض عمليات الصرف، خصوصا المتعلقة بدفع عائدات الأسهم لفائدة المساهمين الأجانب في الشركات المسعرة في البورصة (حوالي 9 مليار درهم)». وفيما يفسّر هذا العامل الأخير، تردي وضعية السيولة النقدية لدى الأبناك المغربية في الشهور الأخيرة، إلى جانب عوامل أخرى مثل ارتفاع الفاتورة الطاقية، واستمرار ارتفاع قروض البنوك الموجهة للاقتصاد «والتي عرفت تزايدا قدره 65.1 مليار درهم برسم سنة 2011، مقابل 44.3 مليار درهم السنة الماضية»؛ قال عثمان كاير، أستاذ الاقتصاد بجامعة المحمدية، إن صرف أرباح المساهمين الأجانب في الشركات المغربية لا يكفي لتفسير التراجع الكبير في السيولة النقدية لدى الأبناك المغربية، «لأن حصة الأجانب في الشركات المدرجة في البورصة المغربية، لا تتعدى 7 في المائة من مجموع رسملتها، لكونها من بين البورصات الأقل انفتاحا، وهو ما جنّب المغرب الانعكاسات المباشرة للأزمة الاقتصادية العالمية». وأضاف كاير أن السيولة البنكية تتكون من شقين، الأول يتعلق بالسيولة من العملة المغربية أي الدرهم، والثاني متعلق بالعملة الصعبة، «وبالتالي فالعمال المتمثل في صرف أرباح المساهمين الأجانب، قد تفيد في تفسير جزئي للشق المتعلق بالسيولة البنكية من العملة الصعبة، وبالتالي الكشف عن بعض أسباب تراجع ميزان الأداءات أكثر منه تفسير تراجع السيولة البنكية بصفة عامة». من جانب آخر، كشف التقرير المتعلق بالمديونية، عن أن حجم دين الخزينة، أي كل من الدينين الداخلي والخارجي، بلغ 430.9 مليار درهم في متم سنة 2011، مقابل 384.6 مليار درهم في متم سنة 2010، بزيادة قدرها 46.3 مليار درهم، أو 12 في المائة. ويُعزى هذا التطور إلى الزيادة في حجم الدين الداخلي والخارجي بحوالي 39.1 و7.2 مليار درهم على التوالي. ويعود هذا الارتفاع بالأساس، حسب التقرير، «إلى عجز الميزانية الناتج عن السياسة الإرادية للحكومة، والرامية إلى دعم الاستثمار العمومي والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، رغم ارتفاع تحملات صندوق المقاصة ووجود تقلبات على الصعيد الدولي». وفيما تميّزت السنة الحالية بحصول المغرب على خط ائتماني من صندوق النقد الدولي، يمكنه من اقتراض نحو ستة ملايير دولار؛ قال التقرير إنه وبالرغم من الظرفية العالمية الخاصة، فقد حافظ المغرب على تصنيفه الائتماني الممنوح من طرف وكالتي «ستاندار اند بورز»، و«فيتش راتينغر»، مع نظرة مستقبلية مستقرة. فبعد الخطاب الملكي الذي أعلن بموجبه عن قرار إصلاح الدستور، أصدرت وكالة «ستاندار اند بورز» وثيقة إخبارية أكدت من خلالها على احتفاظ المغرب بتصنيفه الائتماني».