قالت صحيفة ''لوبينيون'' الفرنسية، إن القادة الرئيسيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا يرغبون في الإضرار بعلاقتهم مع روسيا، ولا إثارة غضب الغربيين في الوقت نفسه. وأضافت الصحيفة أنه من الطبيعي أن تقدم سوريا، التي ما يزال رئيسها بشار الأسد في السلطة بفضل إرادة بوتين، دعمها لروسيا. الشيء نفسه بالنسبة للسودان، الذي يجد نفسه معزولا ومحروما بشكل متزايد من المساعدة منذ أن استعاد الجيش السيطرة على البلاد في 25 أكتوبر الماضي. وكان وفد من كبار المسؤولين السودانيين بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، الجنرال محمد حمدان دقلو، قد سافر إلى موسكو في نهاية فبراير الماضي لإجراء محادثات حول التعاون العسكري والتعدين والطاقة والزراعة. توضح ''لوبينيون'' أن الكويت، ضحية غزو قوات صدام حسين عام 1990، هي واحدة من الدول القليلة في الشرق الأوسط التي تدين التدخل الروسي. تضاف إليها لبنان، التي يحلل البعض فيها هذا الموقف باعتباره بادرة تجاه الولاياتالمتحدة، بغية رفع العقوبات الأمريكية عن زعيم التيار الوطني الحر، جبران باسيل، صهر الرئيس ميشال عون. لكن البيان الصحافي الذي نشرته وزارة الخارجية برئاسة عبد الله بوحبيب المقرب من عون، أدى إلى جدالات محتدمة داخل الطبقة السياسية. إذ انتقد حزب الله، حليف موسكو في سوريا، بشدة الإدانة الرسمية للغزو الروسي. بالنسبة للبقية، فإن القادة الرئيسيين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط في مأزق. يوم الإثنين، اجتمعت جامعة الدول العربية بناء على طلب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أعرب عن قلقه، وكذلك الأردن الذي دعا إلى وقف التصعيد. فوسط حذر شديد، طالبت الدول العربية ب''حل دبلوماسي''، متحدثة في بيانها عن ''أزمة أوكرانيا'' وليس عن غزو، دون ذكر روسيا. وبسبب وقوعهم في تحالفات متناقضة، لا يريد القادة العرب معارضة حليفهم الأمريكي أو شريكهم الروسي، الذي يلاحظون دوره المتزايد في الشرق الأوسط، كما توضح ''لوبينيون''. وذلك هو حال دول الخليج التي لا تريد أن تنحاز إلى أحد المتحاربين أو ذاك، إذ امتنعت دولة الإمارات، الشريك الاستراتيجي لفرنسا، وعضو مجلس الأمن الدولي، عن التصويت على قرار أممي يدين الغزو الروسي، على غرار الصين والهند. وذكّرت ''لوبينيون'' بإشادة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، في أواخر يناير الماضي، بالدعم الدبلوماسي لروسيا، بعد أن أرسل الحوثيون صواريخ إلى أبو ظبي. هؤلاء الآخرون (الحوثيون)، لا يريدون، من جهتهم، أن يكون الكرملين ضدهم، وهو ما يُفسر اعترافهم بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك. أما السعودية ، التي سافر ولي عهدها محمد بن سلمان إلى أبو ظبي في 27 فبراير للتشاور مع محمد بن زايد، فموقفها قريب من موقف حليفتها الإمارات. فيما دعت قطر إلى الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها داخل حدودها المعترف بها دوليا. وتقول الصحيفة إنه في المنطقة المغاربية، تُظهر تونس الحياد في الصراع، وتدعو المتحاربين إلى الحوار. فيما أشارت المملكة المغربية إلى تمسكها بمبدأ عدم استخدام القوة لتسوية المنازعات بين الدول، وشجعت جميع المبادرات والإجراءات التي تعزز التسوية السلمية. مع الإشارة إلى أن المملكة تواجه حاليا أزمة بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والحبوب. في حين، لم تتخذ الجزائر موقفا، بالتأكيد حتى لا تسيء إلى شريكها الروسي، الذي تحافظ معه على تعاون عسكري وثيق إلى حد ما. ورأت ''لوبينيون'' أن قلق الدول العربية يتعلق بإمداداتها، لا سيما من الأسلحة والحبوب. ويعرف الكرملين أنه بإمكانه اللعب على هذا الحياد لكسر العزلة الغربية، حيث لم تغلق دول العالم الإسلامي مجالها الجوي أمام الشركات الروسية، كما تجد موسكو متنفسا آخر من تضامن دول عدم الانحياز لتخفيف حدة العقوبات الغربية ضدها. لم يتم كسب المعركة بعد -تقول ''لوبينيون''- لأن الغرب سيراقب عن كثب استمرار الشراكات العسكرية وإمدادات الأسلحة من قبل الشركات الروسية إلى الشرق الأوسط. فموسكو تروّج لمقاتلات سوخوي وأنظمة دفاعها الجوي ودروعها ومدفعيتها، و يبحث الموردون الروس حاليا عن بنوك بديلة لم يتم حظرها بعد، للحصول على أموال مقابل العقود الحالية.