قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس السبت، إنه أمر وزارة الخارجية بطرد سفير الولاياتالمتحدة وتسعة سفراء لدول غربية أخرى لدعوتهم للإفراج عن رجل الأعمال التركي عثمان كافالا. ومن بين هؤلاء السفراء، سبعة يمثلون دول حليفة لتركيا في حلف شمال الأطلسي وسيؤدي طردهم، إن تم، إلى إشعال فتيل أكبر أزمة مع الغرب طوال 19 عاما من حكم أردوغان. وكافالا، الذي يساهم في العديد من جماعات المجتمع المدني، مسجون منذ أواخر عام 2017 لاتهامه بتمويل احتجاجات في البلاد عام 2013 والضلوع في انقلاب فاشل في عام 2016. وما زال محتجزا مع استمرار محاكمته وينفي كل الاتهامات الموجهة إليه. وفي بيان مشترك صدر يوم 18 أكتوبر/ تشرين الأول، دعا سفراء كل من كندا والدنمرك وفرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج والسويد وفنلندا ونيوزيلندا والولاياتالمتحدة إلى حل عادل وسريع لقضية كافالا. واستدعت وزارة الخارجية التركية السفراء العشرة ووصفت البيان بأنه "غير مسؤول". وقال أردوغان في كلمة ألقاها أمام حشد في إقليم إسكي شهر بشمال غرب تركيا "أصدرت الأمر الواجب إلى وزير خارجيتنا وأبلغته بما يجب عمله، لا بد من إعلان هؤلاء السفراء العشرة أشخاصا غير مرغوب فيهم، افعل ذلك فورا". وأضاف وسط تهليل وهتافات الحضور "سوف يعرفون تركيا ويفهمونها. اليوم الذي لا يعرفون فيه تركيا ولا يفهمونها سيرحلون". ولم ترد سفارتا الولاياتالمتحدة وفرنسا ولا البيت الأبيض والخارجية الأمريكية، حتى الآن، على طلبات للتعليق. كان أردوغان قد قال سابقا إنه يعتزم اللقاء مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في روما. وقال مصدر دبلوماسي إن من الممكن نزع فتيل الأزمة استنادا إلى أن تركيا قد أوضحت موقفها تماما الآن، وفي ضوء التداعيات الدبلوماسية المحتملة لمثل هذه الخطوة قبل قمة مجموعة الدول العشرين وقمة الأممالمتحدة للمناخ في جلاسجو التي ستبدأ نهاية الشهر الحالي. وأضاف المصدر "لم تصدر تعليمات إلى السفارات"، مشيرا إلى أن من الممكن اتخاذ قرار بهذا الشأن في اجتماع الحكومة التركية يوم الاثنين. وقالت وزارة الخارجية النرويجية إن سفارتها في أنقرة لم تتلق حتى الآن معلومات من السلطات التركية بخصوص هذا الأمر. وقال مدير الاتصالات بالوزارة ترود ماسيدي لرويترز في بيان عبر البريد الإلكتروني "سفيرنا لم يفعل أي شيء يستدعي الطرد"، مضيفا أن تركيا تدرك جيدا وجهة نظر النرويج حول هذه القضية. وقال ماسيدي "سنواصل دعوة تركيا للامتثال للمعايير الديمقراطية وسيادة القانون التي التزمت بها الدولة بموجب الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان". اندفاع استبدادي بُرئت ساحة كافالا العام الماضي من اتهامات تتصل باحتجاجات على مستوى البلاد في عام 2013، لكن أُلغي الحكم هذا العام وتم دمج الاتهامات مع تلك الواردة في قضية أخرى مرتبطة بمحاولة انقلاب في 2016. وتصف جماعات حقوقية محاكمات كافالا بأنها رمز لحملة قمع للمعارضة في عهد أردوغان. وستعقد الجلسة القادمة في قضية كافالا، الذي نفى جميع التهم الموجهة إليه والذي يحاكَم مع آخرين، في 26 نوفمبر تشرين الثاني. وستة من الدول التي شاركت في البيان أعضاء في الاتحاد الأوروبي، ومنها ألمانيا وفرنسا. وقال رئيس البرلمان الأوروبي ديفيد ساسولي على تويتر "إن طرد عشرة سفراء دليل على اندفاع استبدادي من الحكومة التركية. لن نخاف. الحرية لعثمان كافالا". وقال وزير الخارجية الدنمركي جيبي كوفود إن وزارته لم تتلق أي إخطار رسمي بشأن هذه القضية وإنها على اتصال وثيق بأصدقائها وحلفائها. وأضاف في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني "سنواصل الحفاظ على قيمنا ومبادئنا المشتركة، كما تم التعبير عنها في الإعلان المشترك". وقال مصدر بوزارة الخارجية الألمانية إن مشاورات تجري حاليا بين الدول العشر بهذا الشأن. كانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قد طالبت بإطلاق سراح كافالا في أواخر عام 2019، بسبب عدم وجود دليل معقول بأنه ارتكب جريمة، قائلة إن الهدف من احتجازه هو إسكاته. من ناحية أخرى، قال أردوغان "سنواصل تعزيز تعاوننا مع قارة إفريقيا، ونضالنا هناك يزعج المستعمرين". جاء ذلك خلال مشاركته السبت في اجتماع حزبي بولاية أسكي شهير شمال غربي البلاد. وأضاف أردوغان: "نضال تركيا في سبيل عالم أكثر عدلا يزعج كثيرا المستعمرين وامتداداتهم بيننا، نحن لا نتعامل أبدا مع أولئك الذين يتطاولون على تركيا بدلا من مواجهة ماضيهم الدموي والقاتل في إفريقيا". وأردف: "ألستم من قتلتم مليون شخص في الجزائر ومليون شخص في نيجيريا وقتلتم 900 ألف شخص في رواندا؟ من هؤلاء؟ إنهم الغرب وفرنسا من فعلوا ذلك". واستطرد قائلا: "لا يمكن لهؤلاء أن يعطونا درسا في الإنسانية، يجب أن يتعلموا أولا عن الإنسانية، من أين؟ من تركيا، لأن أشقائنا الأفارقة يردون بالشكل الذي يستحقه أولئك الذين ينتقدوننا بسبب سياستنا تجاه إفريقيا". وختم كلامه بالقول: "خلال الفترة المقبلة، سنواصل تعزيز تعاوننا مع القارة الإفريقية، التي تعد من أهم أجزاء رؤيتنا العالمية، ولو على حساب إزعاج المستعمرين وطابورهم الخامس".