مرة أخرى، نعود لنبشر الفلاح المغربي، وخاصة في شمال البلاد، ببداية موسم الحرث في وقت جد مبكر هذا العام، إذ يرتقب أن تنزل أمطار الخير في ما تبقى من أيام شتنبر، بكميات مرتفعة، قد تصل أحيانا إلى 100 ملمتر في المتر المربع، وهذا نادرا ما يحدث في هذا الشهر من السنة. وحسب ما رصدته الأقمار الاصطناعية المخصصة لدراسة الطقس والمناخ، وبعد معالجة المعطيات، طبقا لنماذج رقمية وبرامج معلوماتية، تبين بشكل واضح ظهور ما يسمى ب"قطرة باردة" "gota fría"، وهذا مصطلح شائع لمنخفض مغلق ذي مستوى عال يصبح منفصلاً (منقطع) بشكل تام من التيار الجوي الغربي ويتحرك مستقلاً عن ذلك التيار. وقد تظل التيارات المنقطعة مستقرة في نفس المكان لعدة أيام أو أنها في بعض الأحيان، تتحرك في اتجاه الغرب، عكس التدفق السائد في الأجواء العليا، لأنها تتقهقر ويستخدم المصطلح أيضًا لوصف الظاهرة الجوية المصاحبة له. ويظهر هذا المنخفض في إسبانيا عندما تتجه ببطئ مقدمة الهواء القطبي البارد جدًا أو التيار النفاث القطبي "جيت ستريم" أعلى أوروبا الغربية على ارتفاع شاهق يفوق 4000 متر وتكون درجة حرارة الهواء منخفضة بعدة درجات تحت الصفر. وحينما تصطدم هذه الكتلة الهوائية الباردة للغاية مع الرياح الشرقية الآتية من البحر الأبيض المتوسط والتي تكون مشحونة بالرطوبة، في آواخر أسابيع فصل الصيف، يتجلى هذا المزج في حدوث أمطار عزيرة وعواصف رعدية مصحوبة ببرد وانخفاض ملحوظ ومفاجئ في درجة الحرارة على سطح اللأرض. ويذكر أن هذه الظاهرة عادة ما كانت تحدث في شرق شبه الجزيرة الإبيرية في فصل الخريف حيث تنتج أمطار طوفانية وفيضنات أحيانا، ولا تصل المغرب إلى نادرا. لكن هذا العام وبسبب عدة عوامل مناخية منها ظاهرة "لانينية" كما نشرنا في مقال سابق جل المعطيات تشير إلى أن أمطار الخير المرتقبة ستكون في الموعد وسوف تساهم في موسم فلاحي جيد وممتاز للغاية إن شاء الله، والله أعلم.