كلما وقعت جريمة اغتصابضد الاطفال إلا وتعالت الأصوات الغاضبة المطالبة بالانتقام من الجاني من خلال تطبيق عقوبة الإعدام. ولن أدخل في أي نقاش بيزنطي حول هذه العقوبة لكون هذا النوع من النقاش أصبح يستغل من طرف البعض لصرف النظر عن الأسباب الحقيقية وراء تفشي الجرائم الشنيعة من قبيل الاعتداء الجنسي على الأطفال ولتفادي تحديد المسؤوليات. هذا الاعتداء الذي يتفق المختصون النفسانيون حول آثاره المدمرة على الصحة النفسية للضحية، طالما واجهه المجتمع المغربي وأصحاب القرار بنوع من الانكار قبل أن يتحول إلىالتجاهل وذلكلأسباب عدة من بينها في رأيي وجود نوع من "التطبيع اللاواعي" مع الانحراف السيكولوجي المتمثل في اشتهاء القاصرين، وهو ما يتجلى في المقاومة الشرسة التي لقيتها خطة إدماج المرأة في التنمية والتي كانت تنص على الرفع من سن الزواج إلى الثامنة عشر، وهو الرفض الذي لا يزال ساريا إلى يومنا هذا. لذا، وبالرغم من دعوات الجمعيات لوقف النزيف، ظلت الحكومات المتعاقبة رافضة لوضع سياسات عمومية ناجعة وصارمة للوقاية وعلاج الظاهرة، كما ظلت رافضة أو عاجزة عن الإدلاء بإحصائيات رسمية حول الموضوع وبقي الأمر مقتصرا على الشعارات.كما أن المجتمع نفسه يكاد لا يتحرك للإحتجاج على هذه الجرائم إلا بعد أن يقترن الاعتداء الجنسي بالقتل. وفيما يلي مقترحات عملية موجهة للحكومة ومختلف المؤسسات الرسمية من شأن تنزيلها بشكل سليم وجدي أنيساهم في تفادي الأسوء مستقبلا. 1. التزام رئاسة الحكومة بوضع استراتيجية وطنية لمحاربة الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال يساهم فيها جميع المتدخلين المؤسساتيين المعنيين مع اشراك الجمعيات والنقابات والخواص… 2. التزام الدولة والجماعات الترابية بالتكفل بجميع الأطفال بدون مأوى وتوفير ظروف عيش أفضل لهم باعتبارهم أكثر عرضة للاستغلال الجنسي وهو ما يعني إعادة إنتاج الاعتداء 3. تكثيف المراقبة والتتبع والتأطير لجميع المؤسسات التي تأوي أو تستقبل أو تقدم خدمات للأطفال كدور الرعاية والمدارس القرآنية والمؤسسات التي تحتضن الأطفال في وضعية إعاقة والمدارس ودور الشباب والأندية الرياضية والفنية والثقافية وكذا المؤسسات التي تشغل الأطفال.. 4. إدراج التربية الجنسية في المقررات المدرسية ابتداء من التعليم الاولي وكذا في برامج الإذاعة والتلفزة، والقيام بحملات توعية تستهدف الأطفال والأمهات والآباء وأولياء الأمور بالقرى والمدن خاصة الأحياء الهشة،وكذا توفير أخصائيين نفسانيين بجميع المدارس لتتبع الحالة النفسية للأطفال 5. تكوين الأساتذة والمكونين والمديرين والعاملين في المجال الاجتماعي في الجوانب السيكولوجية والقانونية للموضوع 6. إنشاء مرصد وطني لمحاربة الاعتداء الجنسي ضد الأطفال،تتمثل مهامهفي التكفل بالضحايا قضائيا ونفسيا وطبيا واجتماعيا وكذا تتبع تطور هذه الجريمة، والقيام بدارسات اجتماعية نفسية وقانونية وتقديم مقترحات للسلطات العمومية للحد منها وتتبع تنفيذ السياسات العمومية في هذا المجال، مع إنشاء تمثيليات جهوية وإقليمية للمرصد. 7. وضع رقم أخضر مجاني لتلقي الشكايات والوشايات المتعلقة بالاعتداءات الجنسية ضد الأطفال لكون المساطر البيروقراطية تشكل عائقا حقيقيا أمام الضحايا وتشجيع الأطفال على التصريح بكل ما يمكن أن يتعرضوا له، خاصة من أقاربهم على اعتبار أن الأغلبية الساحقة من الاعتداءات يقوم بها أقرب المقربين للطفل 8. تجريم زواج القاصرات لوقف التطبيع مع اشتهاء القاصرين تحت مبررات شرعية او اجتماعية واهية 9. تشديد العقوبات على البيدوفيليين وخاصة في حالة العود أو القرابة أو كون الضحية تحت مسؤولية الجاني كالولي والأستاذ أو المؤطر أو المشغل… وكذا على جرائم ترويج المحتويات البورنوغرافية المستغلة للأطفال والدعارة والقوادة..مع حذف إمكانية العفو على هذه الفئة من المجرمين 10. ترسيم أسبوع وطني لمحاربة الإعتداء الجنسي على الأطفال من أجل الوقوف على نتائج السياسات المتبعة والقيام بحملات تحسيسية واسعة.