أظهرت بيانات أولية صادرة عن منظمة الأممالمتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) ومنظمة الصحة العالمية انخفاضا كبيرا في عدد الأطفال الذين أكملوا ثلاث جرعات من اللقاح ضد الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي خلال الربع الأول من هذا العام، وذلك لأول مرة منذ 28 عاما. وبحسب منظمتي الصحة العالمية ويونيسف، تبلغ نسبة احتمالية تلقي مولودة جديدة اليوم تحصينا تاما بجميع اللقاحات (ضد الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي) الموصى بها عالميا بحلول الوقت الذي تبلغ فيه سن الخامسة أقل من 20%. وحسب المصدر، فوّت في عام 2019 نحو 14 مليون طفل اللقاحات المنقذة للحياة. ويعيش معظم هؤلاء الأطفال في أفريقيا ومن المحتمل أن يفتقروا إلى الخدمات الصحية الأخرى، ويتركز ثلثهم في 10 بلدان متوسطة ومنخفضة الدخل، وهي أنغولاوالبرازيل وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا والهند وإندونيسيا والمكسيك ونيجيريا وباكستان والفلبين. وشدد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، يدروس أدهانوم غيبريسوس، على أن التطعيم هو أحد أقوى الأدوات في تاريخ الصحة العامة، ويتم تحصين المزيد من الأطفال الآن أكثر من أي وقت مضى. وأضاف: "لكنّ الجائحة عرّضت هذه المكاسب للخطر. ويمكن أن تكون المعاناة والموت اللذين يمكن تفاديهما بسبب فقدان الأطفال للتحصين الروتيني أكبر بكثير من كوفيد-19 نفسه"، داعيا البلدان إلى ضمان استمرار البرامج الأساسية المنقذة للحياة. وحثت المنظمتان على بذل جهود فورية لتقديم التطعيم للأطفال، وأطلقتا في بيان تحذيرا من انخفاض "مقلق" في عدد الأطفال الذين يتلقون التطعيم المنقذ للحياة حول العالم، بسبب كوفيد-19. وبسبب الجائحة، ألغيت – أو تتعرض لخطر الإلغاء – 30 حملة تطعيم ضد الحصبة، مما قد يؤدي إلى المزيد من تفشي المرض في عام 2020 وما بعده. ووفق مسح أجرته كل من اليونيسف ومنظمة الصحة العالمية وغافي (GAVI)، بالتعاون مع مركز الولاياتالمتحدة للسيطرة على الأمراض، ومؤسسة سابين للتعطيم ومدرسة جون هوبكينز بلومبيرغ للصحة العامة، فإن ثلاثة أرباع من 82 دولة استجابت للمسح أبلغت عن اضطرابات متعلقة بكوفيد-19 في برامج التحصين منذ ماي 2020. وقالت هنرييتا فور، المديرة التنفيذية لمنظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف): "جعلت جائحة كوفيد-19 التحصين، الذي كان يُعدّ أمرا روتينيا، تحديا صعبا. يجب علينا منع المزيد من التدهور في تغطية اللقاحات واستئناف برامج التطعيم على وجه السرعة قبل أن تهدد أمراض أخرى حياة الأطفال. لا يمكننا استبدال أزمة صحية بأخرى". وتتباين أسباب الاضطرابات في الخدمات، منها عدم قدرة السكان على الوصول إلى الخدمات بسبب التزام المنزل، والتشويش الذي تعرّضت له حركة المواصلات ومصاعب اقتصادية وقيود على الحركة أو خوف من التعرّض لأشخاص حاملين للمرض. كما أن الكثير من العاملين الصحيين غير متوفرين بسبب القيود على السفر أو توزيعهم في مناطق أخرى إضافة إلى النقص في الأدوات الوقائية. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية ويونيسف، فإن البلدان التي سجلت تقدماً كبيراً في مجال التحصين، مثل إثيوبيا وباكستان، أصبحت الآن معرّضة لخطر تراجع المكاسب إذا لم يتم استعادة خدمات التحصين بأسرع ما يمكن. كما تراجعت التغطية التاريخية العالية على مدى العقد الماضي التي سجلتها أميركا اللاتينية وجزر الكاريبي. ففي البرازيل وبوليفيا وهايتي وفنزويلا على سبيل المثال، انخفضت تغطية التحصين ب 14 نقطة مئوية على الأقل منذ عام 2010. وتسعى يونيسف ومنظمة الصحة العالمية إلى دعم الدول في جهودها لإعادة تصور التحصين وإعادة البناء بشكل أفضل، من خلال استعادة الخدمات حتى تتمكن البلدان من تقديم خدمات التحصين الروتينية أثناء جائحة كوفيد-19، عبر الالتزام بتوصيات النظافة والتباعد البدني وتوفير معدلات الحماية للعاملين الصحيين؛مساعدة العاملين الصحيين على التواصل بنشاط مع مقدمي الرعاية لشرح كيفية إعادة تهيئة الخدمات لضمان السلامة؛ تصحيح التغطية وسد ثغرات المناعة وأخيرا من خلال توسيع نطاق الخدمات الروتينية التي فوتتها المجتمعات، حيث يعيش بعض الأطفال الأكثر ضعفا. يذكر أن يونيسف ومنظمة الصحة العالمية تصدران كل عام تقديرات جديدة من 195 دولة حول تغطية المناعة فيها، مما يتيح إجراء تقييم هام حول مدى جودة الأداء في الوصول إلى كل طفل بلقاحات منقذة للحياة. وتُستخدم تغطية اللقاحات الثلاثية ضد الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي كمؤشر لتقدير نسبة الأطفال دون عامهم الأول ممن يتم تطعيمهم.