أمام تدبير الحجر الصحي والعزل الاجتماعي الذي لجأت إليه العديد من دول العالم للحيلولة دون تفشي فيروس كورونا المستجد –كوفيد 19، وفرض إلغاء الأنشطة الثقافية والرحلات الجوية الخارجية، تقدم التكنولوجيا حلا مثاليا يمكن من تخفيف وطأة هذه العزلة ويتيح لمن دخلوها اختيارا أو اضطرارا إمكانية القيام ب »السياحة عن بعد » لمجموعة من المواقع عبر العالم دون الحاجة لمغادرة منازلهم. ودعت السلطات في حوالي 50 بلدا عبر العالم أكثر من مليار شخص إلى البقاء في منازلهم لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد وفق تعداد أجرته وكالة الأنباء الفرنسية. وتوزعت الإجراءات التي اعتمدتها بين فرض الحجر المنزلي الإجباري (659 مليون شخص)، والدعوة للبقاء في المنازل وتقليص التنقلات إلى أدنى حد دون أن تتبنى تدابير قسرية (أكثر من 228 مليون نسمة)، وحظر التجول (أكثر من 117 مليون نسمة)، وفرض الحجر على المدن الرئيسية (10 ملايين نسمة). وإذا كانت تدابير العزلة والحجر الصحيين في العديد من دول العالم قد فرضت على ملايين الأشخاص المكوث في منازلهم في مواجهة تفشي الفيروس القاتل، وجعلت إمكانية الترفيه عن طريق السياحة والتنزه أمرا « مستحيلا » بالنسبة للكثيرين، فإن شبكة الانترنيت تفتح الباب وسيعا أمام مستخدميها للقيام بزيارات افتراضية للعديد من المؤسسات المتحفية والمواقع السياحية عبر العالم بجودة وتقنية ممتازتين. وتتيح هذه الزيارات الافتراضية لمستخدمي الانترنيت الولوج المجاني إلى هذه المؤسسات والمواقع والتعرف على مختلف معروضاتها، والاطلاع على شروحات عن تاريخها ومعلومات عن أصحابها، بزاوية 360 درجة، تماما كما لو أنهم يرونها رأي العين ويستمعون لشروحات المرشد السياحي دونما حاجة للقيام بالرحلة بكل تبعاتها المالية وانعكاساتها الصحية في ظل تفشي جائحة كورونا. وفي هذا الصدد، يتيح موقع (غوغل ستريت فيو) إمكانية زيارة عشرات المؤسسات الثقافية والمواقع عبر العالم حيث يقدم صورا بانورامية للعديد من المتاحف التي يمكن للزائر زيارتها افتراضيا من قبيل المتحف البريطاني في لندن، ومتحف غوغنهايم في إسبانيا، ومتحف دورساي في فرنسا، والمتحف الوطني للفن الحديث في كوريا، ومتحف ساو باولو للفن بالبرازيل. وإلى جانب هذه المتاحف التي تعرض لمجموعات كبيرة من الأعمال الفنية واللوحات التشكيلية والمنحوتات اليدوية واللقى الأثرية من مختلف العصور والحضارات، يمكن لمستخدمي الانترنت من خلال موقع (غوغل أورث) زيارة للمواقع السياحية والمآثر والمناظر الطبيعية عبر العالم، لعل أبرزها عجائب الدنيا السبع المنثورة في مختلف القارات. وفي المغرب، حيث تم فرض حالة الطوارئ الصحية ابتداء من 20 مارس الجاري بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا – « كوفيد 19″، لجأت المؤسسة الوطنية للمتاحف إلى اقتراح القيام بزيارة افتراضية للمعارض البارزة التي احتضنتها المتاحف التي تقع تحت وصايتها، وذلك من خلال زيارة افتراضية بزاوية 360 درجة للعديد من المجموعات والأعمال الفنية، معززة بدليل مصور وشروحات نصية حول مختلف الموضوعات ذات الصلة بالمعارض، وذلك بالنظر إلى الظرفية الحالية، وبغية جعل الفن في متناول الجمهور العام خلال فترة الطوارئ الصحية . وكانت المؤسسة التي أغلقت جميع المتاحف الخاضعة لوصايتها في إطار التدابير الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا، كشفت في بلاغ لها، أن إجراءها الأول في هذا الصدد تمثل في إطلاق lemusée à lamaison#، ونشر مجموعة « Face à Picasso » على الانترنت يوم الجمعة المنصرم، موضحا أن هذه الزيارة الافتراضية متاحة على موقع : http://picasso.visite360.ma/. بدوره، يتيح الموقع الإلكتروني لمجلس النواب المغربي، لمن لم تتح لهم زيارته من قبل، إمكانية القيام بزيارة افتراضية فضاءاته تمكن مستخدمي الانترنيت من التجول داخل مبنى هذه المعلمة التاريخية التي تم تشييدها في العشرينيات من القرن الماضي، وتم تصميم مختلف مرافقها بأسلوب يجمع بين الفن المغربي الأصيل والهندسة المعمارية الحديثة. كما تتيح هذه الزيارة الافتراضية لمقر مجلس النواب فقرات تعريفية بكل فضاءاته. هكذا، إذن تقدم التكنولوجيا عبر الاتصال بشبكة الانترنيت فرصة مثالية للمواطنين من مختلف دول العالم التي تبنت سلطاتها تدابير العزل أو الحجر الصحي، لزيارة أمكنة ومواقع سياحية من مناطق مختلفة في قارات العالم الخمس، صحيح أنها لا تغني عن الزيارات الميدانية الواقعية، لكنها تمكن المرء من تخفيف وطأة العزلة الصحية عبر الجمع بين الترفيه والتثقيف، وتجعله يسافر بخياله لمئات المناطق والأمصار وجسده قابع في غرفة صغيرة في الدار.