مازالت تخلق الحدث، فالزاهية التي قد تتسبب في دخول نجمي كرة القدم الفرنسي، فرانك ريبيري وكريم بنزيمة للسجن إذا تبين للقضاء الفرنسي بأنهما كانا على علم مسبق بسنها الحقيقي لدى حصولهما على خدماتها الجنسية، كانت المستفيد الأكبر من الفضيحة الأخلاقية التي تورط فيها هذا النجمان. إنها تحولت ببساطة من دمية الجنس المملوءة بالهواء المستعدة لتلبية نزوات أصحاب المال، إلى مصممة أزياء للملابس الداخلية. وهي ملابس تحمل اسمها نظرا للدلالات المرتبطة باسمها، لعل ذلك يساعد بعض النساء على اكتساب شيء من هويتها الجنسية المثيرة. تحولت إلى فنانة وأيقونة ومصدر إلهام داخل الأوساط الفرنسية. رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها، لازالت الزاهية معروفة داخل فرنسا كهدية عيد ميلاد قدمت للاعب كرة قدم. الزاهية التي تبلغ في الوقت الحالي 20 سنة، والتي تحولت لراعية للموضة بفضل الدعم الذي قدمه لها مصمم الأزياء كارل لاغرفيلد، كانت حتى وقت قريب المراهقة، أو بائعة الهوى القاصر التي كانت تلتقي بزبائنها داخل الحانات المخصصة للأشخاص المهمين، المتواجدة بالشانزلزيه بباريس، بينما كانت أمها تعتقد بأنها كانت تقضي الليل في منازل زملائها في الدراسة. الزاهية حصلت كذلك على مبالغ مالية مقابل تقديمها لخدماتها الجنسية لواحد من أشهر لاعبي كرة القدم بفرنسا. خلال سنة 2009، وجدت تذكرة سفر في انتظارها لكي تستقل الطائرة المتوجهة لميونيخ لأجل قضاء ليلة داخل أحد الفنادق الفاخرة مع لاعب كرة القدم الفرنسي، فرانك ريبيري، كجزء من الهدية التي قدمها لنفسه احتفالا بعيد ميلاده السادس والعشرين. خلال تلك الفترة، كان ريبيري يلعب كجناح لفريق بايرن ميونيخ، ويحصل على أجر جد عال. كما كان يمثل أحد أبطال فرنسا من ذوي السمعة الطيبة، وأحد أبنائها الذين استطاعوا الخروج من أحد أفقر المناطق شمالي فرنسا. هذا بالإضافة لكونه أب صالح تزوج بحبيبته التي تعرف عليها أيام الطفولة، وأحد الفرنسيين الذين اعتنقوا الإسلام وهو ما أهله لتجسيد الهويات المختلطة لفرنسا. فجأة اكتشف الرأي العام الفرنسي بأن الزاهية دهار سافرت خفية إلى ألمانيا نزولا عند رغبة ريبيري عندما كان سنها لا يتجاوز 17. ولا نحتاج هنا للتذكير بأن أي شخص يتعرض للمتابعة القضائية بفرنسا، إذا مارس الدعارة مقابل المال مع قاصر ما دون سن 18. دمية الجميع ما أصبح يعرف داخل فرنسا بفضيحة عيد الميلاد، والتي تم الكشف عنها في إطار تحقيق قامت به الشرطة جراء تتبعها لأعمال قوادة مشبوهة، تحولت لواحدة من أكبر الفضائح الجنسية التي همت الرياضة الفرنسية، وهو ما أدى لتلطيخ صورة المنتخب الفرنسي لكرة القدم خلال تنظيم جنوب إفريقيا لكأس العالم سنة 2010. لكن هذه الفضيحة عادت للظهور على الصفحات الأولى للجرائد، بعدما قررت العدالة هذا الأسبوع متابعة كل من ريبيري، وزميله في المنتخب الفرنسي، نجم فريق ريال مدريد كريم بنزيمة، الذي أدى على ما يبدو المال للزاهية نظير إشباع رغباته الجنسية في أحد المناسبات السابقة. اللاعبان الفرنسيان سيقدمان للعدالة بتهمة ممارسة الدعارة مقابل المال مع مومس قاصر. كما ستتابع في القضية نفسها مجموعة أخرى من الأشخاص، يتهم بعضهم بارتكاب «أعمال قوادة جسيمة». هذه المتابعة القضائية الجديدة هي من بين آخر التحقيقات التي تورط فيها مشاهير فرنسا، والمتعلقة بموضوع ممارسة الدعارة مقابل الحصول على المال بفرنسا. فدومينيك ستراوس كان، المدير السابق لصندوق النقد الدولي وأحد الطامحين سابقا في أن يصبح رئيسا للجمهورية الفرنسية، لازال يخضع للتحقيق لتوضيح مدى تورطه في أنشطة قوادة مرتبطة بشبكة مشبوهة للدعارة بمنطقة ليل. وقد تم توسيع نطاق التحقيق للنظر في تعرض إحدى بائعات الهوى لاغتصاب جماعي خلال أحد الليالي الحمراء التي حضرها دومينيك ستراوس كان. وفي هذا الصدد، يقول محامي هذا الأخير بأن موكله كان يجهل بأن النساء قمن بإشباع نزواته الجنسية مقابل الحصول على المال. كما نفى كذلك القيام بممارسة عنف. مفاجئة وبالنسبة لريبيري وبنزيمة، فقد فوجئت فرنسا برمتها بعد انتشار خبر قيام القاضي بإحالة قضيتهما على محكمة الجنايات. فخلال شهر نونبر من العام الماضي، أمر المدعي العام بإسقاط الدعوى، لأنهما لم يكونا على علم بأن الزاهية لم تتجاوز سن 18. مما لا شك فيه بأن هذه المتابعة القضائية الجديدة سترفع الغطاء عن عالم من المال، والقاصرين، والدعارة في وقت تلح فيه وزيرة المرأة بفرنسا، المغربية نجاة بلقاسم، على ضرورة القضاء على الدعارة داخل فرنسا. كما أن هذه الفضائح تلقي بالضوء على الثقافة الحديثة للمشاهير بفرنسا، والحانات المنتشرة بشارع «الشانزلزيه»، والهجرة الحديثة، والشبان المتحدرين من الضواحي الذين سطع نجمهم بفرنسا. لكن ربما يظل أغرب عنصر في كل هذا هو الزاهية بنفسها، التي تحولت لأحد مشاهير فرنسا في رمشة عين. فمنذ تفجر القضية، حظيت بدعم لاغارفيلد، وبعض مشاهير الموضة والفن، وتم تشجيعها على الشروع في مسيرة مهنية جديدة كمصممة لعلامة فاخرة من الملابس الداخلية تحمل اسمها. كما قام بتصويرها الفنانان بيير إي جيل ودافيد لاشابيل، وعرضت مجموعة من الأعمال التي استلهمت منها. كما أنها جاءت على صدر المجلات العالمية، في صورة تعيد تجسيد «بريجيت باردو» في ملامح امرأة من أصول جزائرية. كما شاركت في بطولة أحد الأفلام القصيرة. وفي هذا الصدد، يقول لاغارفيلد بأنها تظل مثيرة تحديدا لأنها تذكر بثقافة المحضيات التي تعود للقرن الثامن عشر بفرنسا، أي العشيقة التي تشبع رغبات الأغنياء والنافذين مقابل المال، وهو «تقليد فرنسي خالص أعجب به العالم بأسره وقام بتقليده». كل هذه الأمور تضع الفعاليات النسوية المدافعة عن حقوق المرأة في مأزق حقيقي. فمن جهة، لماذا لا ينبغي لعاهرة سابقة أن تكون قادرة على سبر مشوار جديد في عالم الموضة وتحسين وضعها الاجتماعي؟ لكن يبدو بأن الصورة التي يتم تسويقها حولها، المرتبطة بدمية الجنس المملوءة بالهواء، تؤدي إلى تمجيد وإضفاء لمسة سحرية على ما يمكن للمحكمة أن تتثبت بأنه عمل قوادة غير قانوني، وممارسة للجنس مع قاصر. أما مصممي الموضة وأصحاب محالات الأزياء من الفرنسيين فيصرون على كونها تجسد «الشهامة الفرنسية» وبأن «جسدها لغة في حد ذاته». الأيام الأولى وكما كشفت عن ذلك الزاهية، حلت الشرطة عشية أحد الأيام من شهر أبريل، قبل ثلاث سنوات من هذا التاريخ بالمنزل المتواضع لأمها وزوج أمها، المتواجد بأحد الأحياء المهمشة بضواحي باريس لأجل طرح بعض الأسئلة عليها. لعدة أشهر، كانت الشرطة بصدد إجراء تحرياتها حول شبكة مزعومة تمارس أعمال القوادة بأحد الحانات المتواجدة بشارع الشانزلزيه، حينما اكتشفت بأن واحدة من بين المومسات اللواتي تم إخضاعهن للمراقبة كانت لا تزال قاصرا. فبالرغم من كون الدعارة تعتبر نشاطا قانونيا بفرنسا، إلا أن ذلك لا ينطبق على الأنشطة التي قد ترتبط بها كأعمال القوادة، والتشجيع على ممارسة الجنس، وإعداد أوكار الدعارة، وتسيير شبكات منظمة. وفي حالة الدعارة، يعتبر أي شخص قاصرا إذا كان سنه ما دون 18 سنة. قامت عناصر الشرطة بمراقبة الاتصالات الهاتفية للأشخاص الذين كانت تحوم الشكوك حول قيامهم بالمشاركة في أعمال مشبوهة للدعارة، وأكدوا للزاهية بأنهم كانوا على علم بجميع التفاصيل المتعلقة ب «نشاطها». على ما يبدو لم تكن أمها على علم بما تقوم به ابنتها. ولدت الزاهية دهار ببلدة غريس الجزائرية، وحلت بفرنسا رفقة أمها وواحد من إخوتها عندما كانت تبلغ العاشرة من عمرها بعد طلاق والديها. لمحت الزاهية في بعض المناسبات للسنوات الصعبة التي قضتها حين لم تكن تجد مكانا للمكوث به، ولحظات الحزن بسبب المعاملة السيئة والقاسية التي لاقتها من لدن بعض معارف العائلة بفرنسا. بالجزائر، تمكنت من الحصول على التعليم الابتدائي وكانت تريد أن تعمل كربان للطائرة في المستقبل، لكن بفرنسا تاهت عن حلمها، وانقطعت عن الدراسة وسجلت نفسها بأحد دروس التجميل. بدأت في التردد على الحانات المتواجدة بشارع الشانزلزيه في سن 14. وفي هذا الإطار كشفت لمجلة «باري ماتش» بأن أول ممارسة جنسية نظير الحصول على المال قامت بها كانت مع أحد الزبائن الذي كان يحتفل بعيد ميلاده، بعدما تجاوز عمرها 16 سنة بأيام قليلة. كما كشفت بأنها كانت تتلقى 2000 أورو مقابل ممارسة الجنس مع أحدهم لليلة كاملة، و 500 أورو بالنسبة للذين يفضلون مضاجعتها لمرة واحدة. كما أكدت بأنها كانت تنظر لنفسها على أنها «فتاة مرافقة للرجال، وأنها ليست ببائعة هوى»، موضحة بأنها لم تكن «أبدا ضمن أحد الشبكات. لا أعطي المال لأي أحد. أفعل ما يحلو لي، كما أنه يمكنني ممارسة الجنس مع من أريد مقابل المال أو بدون مقابل. لا أحد يرغمني على ممارسة الجنس، وعندما لا أريد ذلك، فذلك الرفض يكون قطعيا.» كما وصفت الرجال الذين كانوا يعرفونها على «الزبائن الكبار» على أنهم أصدقاء، وليسوا بالقواد. الزبون النجم بعد مباشرة التحقيق معها، ذكرت الزاهية للشرطة بأن أول زبون لها من نجوم كرة القدم كان بنزيمة، الذي ولد من أبوين جزائريين وترعرع بمنطقة ليون. وفي هذا الصدد، قالت بأنها التقت به بأحد الملاهي الليلية بباريس عندما كان يبلغ 18 سنة. أما ممارسة الجنس مقابل المال المزعومة فقد حدثت سنة 2008 عندما كانت تبلغ 16 سنة وكان يبلغ بنزيمة حينها 20 سنة.وبخلاف ذلك أكد محامي بنزيمة بأن موكله «بريء» وسيقدم كافة الأدلة لدى إجراء المحاكمة. من جهة أخرى، ذكرت الزاهية بأن ريبيري جلبها في أول مرة لمدينة ميونيخ، وقام بتأدية مصاريف الرحلة الجوية والفندق كجزء من الاحتفال الذي خصصه لذكرى عيد ميلاده، ثم التقى بها بعد ذلك في مناسبتين بفرنسا. وبهذا الخصوص، صرحت لمجلة «باري ماتش» بأنه: «كان من الصعب إقناعه بتأدية المال لي، لكنه قام بفعل ذلك في نهاية المطاف.» ولدى جوابها على سؤال المجلة حول معاملته لها «بلطف» قالت: «أعطيته كل ما يريد. لم يكن شهما معي، ولم يكن مهذبا، ولم يكن لطيفا حتى. كنت قد جئت لكي أقوم بعملي.» لقد كان «زبونا مثل أي زبون آخر». لكن وبصفة جد حرجة، أكدت الزاهية للمحققين بأن كلا اللاعبين لم يكونا على علم بسنها الحقيقي. بعد تعرفه على خبر تعرض موكله للمتابعة القضائية، أكد محامي ريبيري بأن قرار إرسال القضية إلى المحكمة كان «مفاجئا وجائرا»، موضحا بأن ريبيري لم يكن على علم بأن الزاهية كانت ما دون السن القانوني لحظة حصوله على خدماتها الجنسية. وخلال إجراء التحقيق، كان ريبيري، الذي تلطخت سمعته بشكل كبير والذي تأثرت أسرته كثيرا بما حدث، قد كشف لجريدة «بيلد» الألمانية بأنه لم يكن متخوفا على مستقبله أو مشواره الكروي، «لأنني لم أقم باقتراف الخطأ عن علم.» الزاهية... الأيقونة عندما تم الإعلان عن إجراء المحاكمة خلال الأسبوع الماضي، أكد محامي الزاهية بأن هذا الأمر «ليس بالخبر الجيد أو السيء» بالنسبة لها. إنها قررت ببساطة تخطي ما حدث في الماضي. وفي هذا الصدد سيتم الشروع شهر يناير القادم في تسويق أول مجموعة من الملابس الداخلية الخاصة بها، والتي تكفلت شركة استثمارية أسيوية بتوفير مصاريف إنتاجها. ومن المنتظر كذلك أن تنظم العديد من عروض الأزياء للكشف عن تشكيلة مجموعتها من الملابس الداخلية. كما أن الممثلة الفرنسية، إيزابيل أدجاني ترغب في تصوير فيلم وثائقي حولها. وقد صرحت بكل حسم بأنها «تقف في مخيم الأشخاص الذين يريدون أن يحبوها»، مضيفة بأن الطريق الذي سلكته الزاهية نحو النجومية كان طريقا «مثيرا ومزعجا» في الآن نفسه. وفي السياق نفسه، وفي آخر مؤتمر أجرته، تم وصفها ب «الزاهية، الفنانة، ومصممة الأزياء، والملهمة، الزاهية التي ستصبح قريبا أيقونة». كما تم الرفع من مكانتها كنموذج قح عن أفضل ما يمكن أن تصنعه فرنسا. ومنذ بضعة أسابيع فقط، نشرت الزاهية على حسابها بموقع تويتر صورا لها وهي ترتدي ثوب سباحة لدى تواجدها جنوبيفرنسا. ولدى إجرائها لمقابلة صحفية مع مجلة «ليبراسيون»، فضلت الزاهية رفقة مستشارها الإعلامي حذف الأسئلة المتعلقة بإمكانية وجود شخص ثري يقوم بالتكلف بمصاريف حياتها الجديدة. وفي المقابلة نفسها قالت بأن السنتين اللتين قضتهما في امتهان الدعارة انتهتا فعليا، ولن تعود مهما حدث لمهنتها السابقة. ولدى سؤالها عن السبب الذي دفعها للقيام بذلك، توقفت عن الكلام للحظة ثم ردت: «لأجل المال». لكن وكيلها الإعلامي دخل على الخط وقال: «لكنها فعلت ذلك كذلك لتحسين وضعها الاجتماعي». وعندما سألها الصحفي عما إذا كانت تنزعج من تلخيص جل الأشخاص لصورتها في الجنس، وفي كونها مجرد دمية جنسية، ردت الزاهية قائلة: «أنا، لا أعرف من أكون في الواقع. الآخرون هم الذين يعرفون...»