بعد نحو شهر من استقالته، أبدى سعد الحريري تمسكه بعدم رئاسة حكومة جديدة في لبنان، داعيا الرئيس ميشال عون إلى إجراء مشاورات « فورية » لترشيح رئيس جديد للوزراء وتشكيل حكومة جديدة. وفي بيان أصدره الثلاثاء، شدد رئيس الوزراء السابق على أنه لا يرى خروجا من الأزمة اللبنانية « إلا بحكومة تكنوقراط ». وقال الحريري في بيانه إنه « بعد 40 يوما على حراك اللبنانيات واللبنانيين، وقرابة الشهر على استقالة الحكومة استجابة لصرختهم العارمة، وإفساحا للمجال لتحقيق مطالبهم المحقة، بات من الواضح أن ما هو أخطر من الأزمة الوطنية الكبيرة والأزمة الاقتصادية الحادة التي يمر بها بلدنا، وما يمنع البدء بالمعالجة الجدية لهاتين الأزمتين المترابطتين، حالة الإنكار المزمن الذي تم التعبير عنه في مناسبات عديدة طوال الأسابيع الماضية ». وتابع: « إزاء هذه الحالة الخطيرة، والمانعة لتفادي الأسوأ سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا لا سمح الله، وجدت أنه من واجبي أن أصارح اللبنانيين واللبنانيات، كما عودتهم دائما، عل في هذه المصارحة مدخلا لتحريك عجلة المعالجات وفتح الباب أمام البدء بالحلول السياسية والاقتصادية الضرورية ». وأضاف: « إن حالة الإنكار المزمن بدت وكأنها تتخذ من مواقفي ومقترحاتي للحل ذريعة للاستمرار في تعنتها ومناوراتها، ورفضها الإصغاء إلى أصوات الناس ومطالبهم المحقة. فعندما أعلن عن استقالة الحكومة تجاوبا مع الناس ولفتح المجال للحلول، أجد من يصر أني استقلت لأسباب مجهولة، وعندما يصر الناس على محاسبة من في السلطة اليوم، وأنا منهم، وتغيير التركيبة الحكومية، وأنا على رأسها، أو بالحد الأدنى تحسين أدائها ومراقبته، يجدون من لا يريد إلا التصويب على من كانوا في السلطة قبل 30 عاما ». واستطرد بيان الحريري: « وعندما أعلن للملأ، في السر وفي العلن، أنني لا أرى حلا للخروج من الأزمة الإقتصادية الحادة إلا بحكومة أخصائيين (تكنوقراط)، وأرشح من أراه مناسبا لتشكيلها، ثم أتبنى الترشيح تلو الآخر لمن من شأنه تشكيل حكومة تكنو-سياسية، أواجه بأنني أتصرف على قاعدة (أنا أو لا أحد) ثم على قاعدة (أنا ولا أحد). علما أن كل اللبنانيين يعرفون من صاحب هذا الشعار قولا وممارسة ». و »أسوأ الإنكار هو أن من يعرفون كل هذه الوقائع ما زالوا يتحججون تجاه الرأي العام بأنهم ينتظرون قرارا من سعد الحريري المتردد لتحميلي، زورا وبهتانا، مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة الجديدة »، حسب البيان. وأردف الحريري: « إزاء هذه الممارسات عديمة المسؤولية، والعديد من الأمثلة الأخرى التي لا مجال لتفصيلها اليوم، أعلن للبنانيات واللبنانيين، أنني متمسك بقاعدة (ليس أنا، بل أحد آخر) لتشكيل حكومة تحاكي طموحات الشباب والشابات، والحضور المميز للمرأة اللبنانية التي تصدرت الصفوف في كل الساحات لتؤكد جدارة النساء في قيادة العمل السياسي، وتعالج الأزمة في الاستشارات النيابية الملزمة التي يفرضها الدستور وينتظرها اللبنانيون ويطالبون بها منذ استقالة الحكومة الحالية ». وختم رئيس الحكومة السابق بيانه بالقول: « كلي أمل وثقة، أنه بعد اعلان قراري هذا، الصريح والقاطع، أن فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على الدستور وعلى مصير البلاد وأمان أهلها، سيبادر فورا إلى الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة، لتكليف رئيس جديد بتشكيل حكومة جديدة، متمنيا لمن سيتم اختياره التوفيق الكامل في مهمته ». ويشهد لبنان منذ أسابيع احتجاجات عارمة على تردي الأوضاع المعيشية، لم تهدأ حتى بعد إعلان الحريري استقالته من منصبه كرئيس للحكومة. ولا تزال المشاورات السياسية مستمرة في لبنان من أجل اختيار خليفة له، في خضم جهود لبدء إصلاحات « عاجلة » لتلبية مطالب المحتجين.