كأن الحرائق السياسية لم تكف لبنان فجاءت الحرائق الطبيعية لتكمّل على الأخضر واليابس. وزاد الطين بلّة الطقس الحار والرياح السريعة التي وصلت سرعتها في بعض المناطق إلى 45 كيلومتراً في الساعة. وجاء الحريق في منطقة المشرف على مدخل الشوف، ليقضي على مساحات خضراء واسعة، وليهدّد المنازل ويلتهم عدداً من السيارات. وامتدت ألسنة النيران إلى أحراج الدبية وبعورته، وأدّت إلى انفجار أحد أعمدة التوتر الكهربائي العالي، إضافة إلى نشوب حريق في مبنى في الدامور قدّرت أضراره بمليون دولار. وبلغت الحرائق عصراً منطقة دميت وبعورته، ونشبت حرائق في الجنوب والضنية. وتوقف تدخل الطائرات قرابة الساعة الخامسة والنصف عصراً بسبب الظلام وبسبب حركة البرق والرعد التي تعيق الطائرات. وتمنى أهالي القرى التي أصابتها النيران هطول الأمطار لأنها باتت الأمل الأكبر لوقف امتدادها. وأكّد قائد الدفاع المدني الفلسطيني من آل الديماسي، أنهم يعملون منذ مساء الإثنين على مساعدة الدفاع المدني اللبناني عبر فريق أتى من مخيم برج البراجنة، ولاحقاً التحق فريق مخيم شاتيلا ومخيم عين الحلوة. ووضعت بقية المخيمات فرقها على جاهزية تامة للمساعدة. وأكد الديماسي أن الدفاع المدني غير مرتبط بحدود معينة ويعملون داخل وخارج المخيمات، وسيكملون عملهم بالروحية ذاتها دائماً. وكانت الحكومة اللبنانية طلبت مؤازرة قبرص التي أرسلت طائرتين للمساعدة في إطفاء الحرائق، كذلك اتصلت وزيرة الداخلية بالسلطات اليونانية لإرسال طائرتين، في وقت طلب رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط من الأردن إرسال طائرة للمساعدة في إطفاء حرائق الشوف، التي كانت واحدة من بين 104 حرائق اندلعت في مختلف المناطق اللبنانية، بدءاً من الشوف وعاليه والمتن، وصولاً إلى عكار، وتسبّبت بمقتل الشاب سليم أبو مجاهد الذي كان يساعد في إخماد النيران قبل أن يُصاب بضيق تنفّس، إضافة إلى وقوع 5 إصابات طفيفة في الدفاع المدني. ولفت المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار إلى «أن 90 في المئة من الحرائق وراءها عمل إنساني سواء عن قصد أو عن غير قصد». وكان مدير الدفاع المدني أبلغ وزير البيئة بأن اندلاع حريق عند الساعة الواحدة بعد منتصف الليل يطرح علامة استفهام. وتفقّدت وزيرة الداخلية ريّا الحسن الحرائق في منطقة الشوف، وقالت «لا يمكن القول انه تم إخماد الحرائق، فالحرّ وسرعة الرياح يُعيدان إشعالها وغرفة العمليات تقوم بعملها ونحن حذرون ونراقب الوضع». واعلنت «إننا أنشأنا غرفة عمليات في السراي وأخرى متنقلة على الأرض في المشرف لمتابعة عملية إخماد الحرائق». وكانت الحرائق كشفت فضيحة شراء 3 طوافات سيكورسكي قبل سنوات، كلّفت 16 مليون دولار، دفع نصف ثمنها رئيس الحكومة سعد الحريري والنصف الآخر مصارف ورجال أعمال، ولم تستخدم إلا مرة أو مرتين، بسبب اكتشاف أنها غير صالحة لإخماد الحرائق.