تواصل جبهة البوليساريو نشر قواتها عن المنطقة العازلة وعلى ضفاف الأطلسي تزامنا مع تنسيق باسره المغرب وموريتانيا بخصوص معبر الكركرات الحدودي، عقب توصيات لوفد أوروبي زار نواكشوط مؤخرا، وفي ظل تصاعد منسوب التوتر بالمنطقة نتيجة التصعيد الأخير لجبهة البوليساريو المتمثل في تسيير دوريات عسكرية عند السواحل المقابلة لمعبر الكركرات، إلى جانب تهديدات زعيم الجبهة بالعودة إلى حمل السلاح. في هذا السياق تشير المعطيات المتوفرة إلى زيادة الاتحاد الأوروبي التنسيق مع بعثة « المينورسو » بهدف الحصول على تقرير مفصل حول التجاوزات والخروقات التي تتهدد حرية تنقل الأشخاص والبضائع بمعبر الكركرات. يأتي كل ذلك بعد الخطوة الاستفزازية الأخيرة لجبهة « البوليساريو » تجاه المغرب، المتمثلة في دعوة إبراهيم غالي، زعيم التنظيم الانفصالي إلى الاستعداد للانخراط في القتال ضد الجيش المغربي عبر فتح باب التطوع في « جيش الجبهة ». غالي الذي كان يتحدث أمام عدد من قيادات الجبهة أبدى استياءه من عزوف أتباعه عن الالتحاق بحمل السلاح، متوعدا بتجنيدهم إجباريا وفرض القتال عليهم ». تهديد زعيم الجبهة الانفصالية أكده وزيرها الأول محمد الولي اعكيك إذ صرح لوسائل إعلام جزائرية أن « اكتفاء المجتمع الدولي بالتفرج سيجبرنا على حمل السلاح » مضيفا « كل الفرص التي فتحتها البوليساريو للسلام لم تجد نفعا »، متهما في السياق ذاته كلا من « فرنسا وإسبانيا بالوقوف وراء عرقلة حل هذا النزاع ». مصادر مطلعة كشفت ل »فبراير » أن تصريحات قادة الجبهة بمثابة » تعبير عن استيائها من الجمود الذي بات يطال الملف عقب استقالة المبعوث الأممي إلى الصحراء؛ الألماني هورست كوهلر، وتجاهل مجلس الأمن إدراج الملف إلى جدول أعماله لمدة أربعة أشهر على التوالي، كما يعتبر ردا على التحرك القوي والمنتظم للقوات المسلحة الملكية بمعبر الكركارات الحدودي حيث سبق لعناصرها أن أجرت مناورات عسكرية ضخمة بالذخيرة الحية في منطقة « اغوينيت »، محاكاة لعملية صد مفترضة لهجوم محتمل قد تنفذه القوات المغربية ضد ميلشياتها المتمركزة بمنطقة الكركرات، تلك المناورات التي استعملت فيها الدبابات والمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ والمدافع الرشاشة، حضرها زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي وأغلب أركان ما يسمى ب »جيش البوليساريو »، فضلا عن عناصر من الجيش الجزائري. الموساوي العجلاوي، الباحث في معهد الدراسات الإفريقية والباحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، اعتبر خطوة البوليساريو توظيفا إعلاميا صرفا، لا أثر حقيقي من ورائه، واصفا إياها بالابتزاز غير المجدي، مدللا على كلامه بانعدام توفر الجبهة على آلة عسكرية، وعدم إتقانها القيام بمناورات عسكرية أصلا، بحجة مصرع عدد كبير من عناصرها إبان مناورات سابقة، جراء سوء استخدامهم للسلاح. العجلاوي، أكد في حديثه ل »فبراير »، ورود إمكانية تدخل النظام الجزائري عبر جيشه، بمنح أسلحة للبوليساريو، مستدركا غير أن الأمر في مجمله لا يعدو أن يكون توظيفا إعلاميا لتوهيم المنتظم الدولي أن هناك جيش تحرير صحراوي، مضيفا أن من غايات التهديد أيضا إعادة التموقع وصرف النظر عن المقاربة الأممية المبنية على أساس الحل السياسي للقضية. في هذا السياق، لفت المحلل النظر إلى سعي الطرف الانفصالي إلى إفشال التقارب الجديد بين المغرب وموريتانيا، بتشجيع من النظام الجزائري، مشيرا إلى أن رغبة انضمام المغرب إلى « صيدياو »، والاختراق الكبير الذي حققه المغرب داخل الاتحاد الافريقي فضلا عن كسب رهان اتفاق الصيد البحري أسباب أخرى أساسية فيما يحدث.