تظاهر المئات في شوارع مدينة الأ بيض في وسط السودان الأربعاء، تند يدا بمقتل ستة متظاهرين بالرصاص بينهم خمسة طلاب خلال مسيرة الاثنين، فيما قررت محكمة سودانية بدء محاكمة الرئيس السابق عمر البشير في 17 غشت المقبل. وقتل الاثنين ستة أشخاص بينهم خمسة من طلاب المدارس الثانوية واصيب أكثر من 60 آخرين بالرصاص أثناء تظاهرة رفضا لتزايد شح الخبز والوقود في المدينة، على ما أفادت حركة الاحتجاج وسكان. وهتف المحتجون في مسيرة ضمت رجالا ونساء « الدم بالدم لا نقبل الدي ة » فيما كانوا يجوبون شوارع الأ بيض حيث قتل المتظاهرون الستة. وحمل العديد منهم أعلام السودان وصورا للضحايا فيما كانوا يتجمعون في ميدان قرب مقر الجيش في وسط المدينة بعدما ساروا في مناطق متفرقة من المدينة، على ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس في المكان. وقالت المتظاهرة فاطمة « ليس من المقبول أن يطلقوا الرصاص الحي على أطفال لا يفعلون شيئا سوى الهتاف ». وتابعت بغضب « نريد ان يقدم للعدالة فورا من ارتكب هذه الجريمة ». واندلعت التظاهرات ضد الرئيس السابق عمر البشير أساسا في 19 كانون الاول/ديسمبر الفائت بسبب رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف قبل أن تتحول سريعا لحركة احتجاجات واسعة ضد البشير في ارجاء البلاد. ولم تشهد الأ بيض، المدينة الواقعة على بعد 350 كلم جنوب غرب الخرطوم، تظاهرات كبيرة ضد البشير خلال حركة الاحتجاجات التي انتهت بإطاحته في 11 نيسان/ابريل. وستبدأ محاكمة البشير في 17 آب/اغسطس المقبل بتهم الفساد. وقال محاميه هشام الجعلي لوكالة فرانس برس « اليوم الاربعاء كانت أولى جلسات محاكمته، لكن السلطات تعذر عليها نقله للمحاكمة لأسباب أمنية لذا قام القاضي بإبلاغنا أن المحاكمة ستبدأ في 17 آب/اغسطس ». ويثير انقطاع الكهرباء ونقص الوقود والخبز شكاوى متكررة للسودانيين، خصوصا في الأبيض، على ما قال سكان. وبات مشهد الطوابير الطويلة شائعا أمام المخابز في المدينة الفقيرة. وقال معاوية سعد (35 عاما)، موظف في شركة خاصة « الحصول على الخبز أصبح أمرا عسيرا ». وأضاف « عليك الانتظار لساعة أو اكثر، وأحيانا تمر على أكثر من مخبز وتجده لا يعمل جراء انقطاع التيار الكهربائي ». وأثار مقتل الطلاب في الأ بيض تنديدا دوليا، مع مطالبة منظمة الأممالمتحدة للطفولة اليونيسف بفتح تحقيق في المسألة. وفي الخرطوم، خرج مئات الطلاب في مسيرات الثلاثاء تنديدا بمقتل زملائهم. ومساء الثلاثاء، قررت السلطات السودانية إغلاق جميع مدارس البلاد حتى إشعار آخر، فيما فرضت حظر تجول ليليا في الابيض وثلاث مدن أخرى في ولاية شمال كردفان. من جهته، دعا تجمع المهنيين الذي أطلق الاحتجاجات أنصاره الى تظاهرات حاشدة في ارجاء البلاد الخميس تحت شعار « القصاص العادل » لضحايا الأ بيض. وطالب القيادي في التجمع اسماعيل التاج المجلس العسكري « بتقديم المتورطين في المجزرة (في الأبيض) للمحاسبة والمحاكمة بالسرعة المطلوبة »، كما حم له مسؤولية حماية تظاهرات الخميس. وتابع « كلما خرجت تظاهرة سقط شهداء ». واتهم المحتجون قوات الدعم السريع بقتل الطلاب في الأبيض. وقال تجمع المهنيين في بيان الاثنين إن « قوات الجنجويد وبعض القناصين واجهوا الطلاب بالرصاص الحي بدون رحمة »، في إشارة للميلشيات المتهمة من قبل منظمات حقوقية بارتكاب انتهاكات على نطاق واسع في دارفور أثناء الحرب العرقية التي اندلعت في 2003. وأدمجت هذه الميلشيات بقوات الدعم السريع التي يقودها نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو المعروف ب »حميدتي ». والسبت، اتهم محققون سودانيون عناصر من هذه القوات بالمشاركة في عملية فض اعتصام المحتجين امام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم في 3 حزيران/يونيو. وأدى مقتل الطلاب الاثنين الى تعليق المفاوضات بين المجلس العسكري الحاكم وحركة الاحتجاج لحل مسائل متعلقة بتشكيل حكومة مدنية في المرحلة الانتقالية. وتجرى المباحثات برعاية إفريقية وإثيوبية. ووقع قادة الجيش وحركة الاحتجاج صباح 17 تموز/يوليو بالأحرف الأولى « إعلانا سياسيا » لتشكيل مجلس عسكري مدني مشترك يؤسس لإدارة انتقالية تقود البلاد لمرحلة تستمر 39 شهرا، ما يمثل أحد المطالب الرئيسية للمحتجين. وستتناول المباحثات المقبلة « الحصانة المطلقة » التي يطالب بها جنرالات الجيش و »صلاحيات مجلس السيادة » المشترك و »مظاهر الانتشار العسكري » في مختلف مدن البلاد. وقال الوسيط الاثيوبي محمود درير في مؤتمر صحافي إن « الهوة بين الطرفين ضاقت جدا والاجتماعات تسودها روح طيبة ».