على الرغم من نفيهما الخوض في موضوع ما بات يعرف إعلاميا ب »صفقة القرن »، أو التوفر على معلومات بشأنها، اعتبر محللون أن اجتماع ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، بنظيره الفرنسي جان إيف لودريان، لا يمكن أن يخلوا من إشارات، ولو بسيطة، حول خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط بين فلسطين وإسرائيل، والتي تضم المغرب وبعض الدول العربية. في هذا الإطار، قال عز الدين خمريش، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بكلية الحقوق بالدار البيضاء، إن لقاء وزير الخارجية الفرنسي والمغربي يأتي مباشرة بعد التحركات الأمريكية ودول الخليج حول « صفقة القرن »، وبالتالي « فموضوع صفقة القرن سيكون حاضرا بقوة في أهم المباحثات بين الطرفين »، وفق تعبيره. وأكد خمريش، في تصريحه ل »فبراير »، أن التطرق إلى هذا الموضوع يدخل في صلب العلاقات التي تجمع المغرب وفرنسا، والتي تتيح مناقشة مجموعة من القضايا الدولية، خصوصا منها قضايا منطقة الخليج والاتحاد الأوروبي والمنطقة المغاربية، معتبرا أن ذلك يدخل في إطار توحيد المواقف والرؤى المشتركة بين المغرب وفرنسا، كما يدخل في صلب اهتمامات فرنسا التي تهيمن اقتصاديا وسياسيا على المناطق المغاربية. أما بخصوصا تجنب الطرفين الحديث في الموضوع، يرى خمريش أن ذلك أمر بديهي، « لأن الصفقة محاطة بالسرية من طرف الولاياتالمتحدة، نظرا لتضمنها مجموعة من الإجراءاتالتي قد تؤثر بالسلب على القضية الفلسطينية »، معتبرا أن المغرب « يتحفظ على المشاركة فيها لاعتبارها لا تخدم الأمة العربية، لكننا لا يمكن أن نتكهن بما يدور فعلا وراء الكواليس »، حسب تعبيره. في المقابل، نفى محمد شقير، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن ترتبط محادثات بوريطة مع لودريان بقضية صفقة القرن، معتبرا أن المباحثات ستقتصر على الوضع الأمني بالجزائر خلال الحراك الشعبي وانعكاساته السلبية على المغرب وفرنسا، فضلا عن مشكل الصحراء، خصوصا بعد استقالة المبعوث الأممي هورست كوهلر، وموضوع الهجرة باعتبار المغرب بوابة الهجرة إلى أوروبا. ويعتقد شقير، في تصريحه ل »فبراير »، أن « صفقة القرن » غير مطروحة بالنسبة لفرنسا، لأن هذه المسألة تهم الجانب الأمريكي والمغربي فقط »، وفق قوله، كما اعتبر أن تصريح الجانبان للصحافة عن عدم علمهما بهذه الصفقة، وعدم توفرهم على أي معلومة بشأنها، يؤكد ذلك. ولم يكشف المغرب بعد عن موقفه الرسمي من مشروع السلام في المنطقة، إلا أن شقير أكد أنه ينحاز دائما إلى المصلحة الفلسطينية، « خصوصا وأن الملك محمد السادس هو رئيس لجنة القدس »، حسب قوله. وكان ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، قد أعلن، السبت الماضي في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الفرنسي إيف لو دريات في الرباط، بأن المغرب « ليس على اطلاع بمضامين خطة السلام الأميركية في الشرق الأوسط »، مطمئنا بأن المغرب سيدلي بموقفه بخصوصا فور توفر كامل التفاصيل. من جانبه، قال وزير الخارجية الفرنسي « لست مطلعا على خطة السلام الأميركية الخاصة بالشرق الأوسط، نحن ننتظر الإفصاح عن هذه الخطة التي يتحدثون عنها ». ومن خلال زيارة جاريد كوشنر، مستشار دونالد ترامب، وجايسون غرينبلات، الممثل الخاص لترامب للمفاوضات الدولية، (زيارتهما) إلى المملكة، حاولت الولاياتالمتحدةالأمريكية إقناع المغرب بالحضور لمؤتمر البحرين، الذي سيتم الإعلان فيه عن خطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، بمشاركة العديد من الدول العربية والخليجية، مقابل رفض فلسطين المطلق لهذه الخطة.