استجوبت السلطات الفرنسية الخميس رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (« كاف ») أحمد أحمد على خلفية شبهات فساد في فسخ من جانب واحد لعقد مع شركة تجهيزات رياضية، في فصل جديد من سلسلة أحداث مثيرة للجدل تشهدها الكرة القارية قبل أسبوعين من انطلاق بطولة كأس الأمم 2019. وأكدت مصادر في فرنسا والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) خضوع الملغاشي أحمد للاستجواب في العاصمة الفرنسية اليوم. وأورد الفيفا في بيان أنه « أخذ علما بالأحداث المتعلقة بالسيد أحمد أحمد الذي يخضع للاستجواب بشأن مزاعم مرتبطة بولايته على رأس الكاف ». وشدد الاتحاد الدولي على أنه ليس على اطلاع على « التفاصيل المحيطة بالتحقيق »، طالبا من السلطات الفرنسية « أي معلومات قد تكون ذات صلة بتحقيقات يجريها (الفيفا) ضمن لجنة الأخلاقيات » التابعة له. ونشرت مجلة « جون أفريك » عبر موقعها الالكتروني اليوم أن أحمد الذي يتولى رئاسة الاتحاد القاري منذ العام 2017 خلفا للكاميروني عيسى حياتو الذي حكم « الكاف » لنحو ثلاثة عقود، استجوب من السلطات الفرنسية على خلفية شبهات فساد في فسخ من طرف واحد لعقد مع شركة « بوما » الألمانية للتجهيزات الرياضية، واستبداله بعقد مع شركة « تاكتيكال ستيل » التي تتخذ من فرنسا مقرا لها. وكان أحمد أحمد موجودا في العاصمة الفرنسية لحضور اجتماع طارئ للجنة التنفيذية للاتحاد القاري كان قد دعا له الأسبوع الماضي، وكونغرس الاتحاد الدولي الذي عقد الأربعاء لإعادة انتخاب السويسري جاني إنفانتينو رئيسا للفيفا لولاية جديدة من أربعة أعوام. وأكدت مصادر متطابقة لوكالة فرانس برس، استجواب أحمد من قبل مكتب مكافحة الفساد التابع للشرطة القضائية الفرنسية، وذلك قبل أقل من أسبوعين من الموعد المقرر لإقامة كأس الأمم الإفريقية في مصر بين 21 يونيو و19 يوليوز. وأتى الاستجواب غداة اتخاذ اللجنة التنفيذية للاتحاد القاري قرارا بإعادة مباراة الإياب للدور النهائي لمسابقة دوري الأبطال بين الترجي التونسي والوداد البيضاوي المغربي على أرض محايدة بعد انتهاء البطولة القارية، على خلفية الاحداث التي رافقت مباراة الإياب الأسبوع الماضي على الملعب الأولمبي في رادس، وانسحاب لاعبي الفريق المغربي بعد احتجاجات واسعة على التحكيم لاسيما تعطل تقنية المساعدة بالفيديو (« في ايه آر »). كما يأتي غداة تصريح إنفانتينو بعيد انتخابه لولاية جديدة، أن الاتحاد الدولي سيعتمد سياسة « صفر تسامح » مع أي ممارسات فساد في كرة القدم العالمية، والتي هزتها في 2015 سلسلة فضائح أدت الى الإطاحة برؤوس كبيرة، أبرزها سلفه ومواطنه جوزيف بلاتر. وبحسب مستندات اطلعت وكالة فرانس برس على نسخة منها، يتعلق التحقيق مع أحمد باتفاق أبرم في كانون الأول/ديسمبر 2017 مع شركة « بوما » لتوفير تجهيزات وملابس رياضية تخصص لنحو 580 متطوعا في إطار بطولة كأس الأمم الإفريقية للمحليين (« شان ») 2018 التي استضافها المغرب في مطلع العام المذكور. لكن الاتحاد الإفريقي قام من طرف واحد بفسخ هذا العقد، وإبرام آخر بقيمة مالية أكبر مع « تاكتيكال ستيل ». وبحسب مصادر متطابقة، فأحمد أحمد هو أيضا موضع تحقيق من لجنة الأخلاقيات في الفيفا بناء على شكوى رفعها في مارس الأمين العام السابق للاتحاد الإفريقي، المصري عمرو فهمي الذي أعلن « كاف » إقالته من منصبه في أبريل وتعيين المغربي معاذ حجي بدلا منه. وتعليقا على استجواب أحمد، قال فهمي لفرانس برس « الأمر الآن قيد التحقيق بمعرفة السلطات الفرنسية وغير مسموح لي التعليق ». لكن فهمي تطرق الى مسألة فسخ العقد مع « بوما »، مشيرا الى أن الشركة الألمانية « طلبت مبلغ 100 ألف دولار كشرط جزائي (بعد) فسخ العقد، الا أن الكاف تجاهل سداد المبلغ حتى الآن ». أضاف المصري الذي تولى الأمانة العام في نونبر 2017 بعد أشهر من انتخاب أحمد، « عندما توليت المسؤولية في الكاف كانت لدي طموحات واهداف عديدة أسعى لتحقيقها، لكني فوجئت بواقع مرير وفساد مالي وإداري يستحيل معه تنفيذ أي أفكار لتطوير الكرة في إفريقيا ». وشدد فهمي، نجل الأمين العام السابق للاتحاد مصطفى فهمي، على أن « أحدا من أعضاء المكتب التنفيذي للكاف برئاسة أحمد أحمد لن يستطيع مقاضاتي أو توجيه أي اتهام لي، لأني أملك كافة المستندات التي تدينهم والتي أرفقتها بشكواي لدى الاتحاد الدولي لكرة القدم ». ويأتي استجواب أحمد غداة القرار المثيل للجدل الذي اتخذه الاتحاد بشأن إعادة مباراة الإياب للدور النهائي لمسابقة دوري الأبطال، والذي لقي انتقادات واسعة في تونس شملت المشجعين ووسائل الإعلام، وصولا الى رئيس الوزراء يوسف الشاهد الذي اعتبره « مهزلة ». وكان مستشار رئيس الكاف الجزائري هادي هامل قد أكد للصحافيين في باريس الأربعاء أن « شروط اللعب والأمن لم تكن متوفرة خلال مباراة إياب الدور النهائي لدوري الأبطال، ما حال دون اكتمال المباراة. بالتالي، ستعاد المباراة على أرض خارج تونس ». أضاف بعد الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية للاتحاد والذي استغرق خمس ساعات ونصف في أحد فنادق باريس، « يتعين على الترجي الرياضي إعادة الكأس الى الأمانة العامة للاتحاد مع الميداليات الموزعة على اللاعبين ما أن يتسلم تبليغا رسميا بمضمون القرار الحالي ».