بدأت الأربعاء في مقر الأممالمتحدة في جنيف محادثات بين المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة البوليساريو في محاولة لإحياء المفاوضات المتوقفة منذ 2012 حول الصحراء المتنازع عليها. ويضم الوفد المغربي عمر هلال الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأممالمتحدة بنيويورك، و سيدي حمدي ولد الرشيد رئيس جهة العيون- الساقية الحمراء، و ينجا الخطاط رئيس جهة الداخلة- وادي الذهب، و فاطمة العدلي الفاعلة الجمعوية وعضوة المجلس البلدي للسمارة. وعبر مبعوث الأممالمتحدة الى الصحراء هورست كولر المكلف بهذا الملف منذ العام 2017، عن أمله في « فتح فصل جديد في العملية السياسية » بهدف التوصل الى مخرج سياسي ينهي آخر نزاع من هذا النوع في إفريقيا ما بعد المرحلة الاستعمارية. وأعلن الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة الثلاثاء أن انطونيو غوتيريش يدعو كل الأطراف الى « الانخراط في المحادثات بدون شروط مسبقة وفي جو بناء ». وتطالب جبهة البوليساريو من جانب واحد، بإجراء استفتاء حول تقرير المصير من أجل حل النزاع الذي بدأ عند انسحاب إسبانيا من المستعمرة السابقة. وترفض الرباط أي حل آخر خارج منح الصحراء المغربية حكما ذاتيا تحت السيادة المغربية، منبهة إلى ضرورة الحفاظ على الاستقرار في المنطقة. وفي انتظار التوصل إلى حل، يعيش لاجئون صحراويون في مخيمات قرب مدينة تندوف بالجزائر. ويقدر عددهم بما بين 100 ألف إلى 200 ألف شخص، في ظل غياب إحصاء رسمي. وتقع تندوف جنوب غرب الجزائر العاصمة على بعد 1800 كيلومتر وهي قريبة من الحدود مع المغرب. وأجريت آخر جولة مفاوضات برعاية الأممالمتحدة في مارس 2012 بدون أن تؤدي إلى أي تقدم في ظل تشبث طرفي النزاع بمواقفهما، واستمرار الخلافات حول وضع المنطقة وتركيبة الهيئة الناخبة التي يفترض أن تشارك في الاستفتاء. ويتضمن جدول أعمال محادثات جنيف عناوين فضفاضة تتعلق عموما ب »الوضع الحالي والاندماج الإقليمي، والمراحل المقبلة للمسار السياسي »، بحسب الأممالمتحدة. ويوضح مصدر دبلوماسي قريب من الملف أن هذه المقاربة « تتجنب ممارسة الكثير من الضغوط وتعليق الكثير من الانتظارات » على هذا اللقاء الأول، معتبرا أنها تهدف الى « إذابة الجليد » مع التذكير بسياق العلاقات السيئة بين المغرب والجزائر. وأعلنت الجزائر في بيان الأربعاء أن وزير الخارجية عبد القادر مساهل التقى كولر وأكد له « التزام الجزائر بصفتها بلدا مجاورا بالمساهمة في السير الحسن لأشغال الطاولة المستديرة ». وتعتبر البوليساريو تقليص مدة ولاية بعثة مينورسو (قوات الأممالمتحدة المكلفة مراقبة وقف إطلاق النار منذ 1991) من سنة إلى ستة أشهر جزءا من « الدينامية » التي خلقها تكليف كولر بهذا الملف. وصوت مجلس الأمن الدولي في أبريل ثم في أكتوبر على تقليص ولاية مينورسو مرتين لمدة ستة أشهر، بضغط من الولاياتالمتحدة على خلفية كلفة البعثة وجمود المسار السياسي. ويدافع المغرب عن حل سياسي « دائم » مطبوع ب »روح التوافق »، لكنه لا يقبل أي نقاش « حول وحدته الترابية » و »مغربية الصحراء »، كما أكد العاهل المغربي الملك محمد السادس مؤخرا. وتطرح الجزائر التي تشارك في لقاء جنيف بصفتها « بلدا جارا » إجراء « مفاوضات مباشرة، صريحة ونزيهة » بين المغرب والبوليساريو من أجل « حل نهائي »، حسب بلاغ رسمي صدر مؤخرا. وحسب مصدر جزائري قريب من الملف، فإن النقاش حول « الوضع في المغرب العربي » هو الذي « يفسر حضور الجزائر وموريتانيا » في جنيف.