في تاسع مارس وقبل سبع سنوات، أي في التاسع من مارس 2011، ألقى الملك خطابا، جاء في سياق الحراك الشعبي الذي عرفه الشارع المغربي في سياق رياح الربيع العربي الذي وصلت نسائمه لعدد من الدول العربية. في الخطاب، الذي اعتبر ردا على مطالب الحراك الشعبي الذي جسدته حركة عشرين فبراير، أعلن الملك عن دعوته إجراء مراجعة للوثيقة الدستورية، وقال في الخطاب أن المراجعة ستستند على سبع مرتكزات: أولا : التكريس الدستوري للطابع التعددي للهوية المغربية الموحدة، الغنية بتنوع روافدها، وفي صلبها الأمازيغية، كرصيد لجميع المغاربة. ثانيا : ترسيخ دولة الحق والمؤسسات، وتوسيع مجال الحريات الفردية والجماعية، وضمان ممارستها، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان، بكل أبعادها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية، والثقافية والبيئية، ولاسيما بدسترة التوصيات الوجيهة لهيأة الإنصاف والمصالحة، والالتزامات الدولية للمغرب. ثالثا : الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة، وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري، توطيدا لسمو الدستور، ولسيادة القانون، والمساواة أمامه. رابعا : توطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، وتعميق دمقرطة وتحديث المؤسسات وعقلنتها، من خلال : برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة، يتبوأ فيه مجلس النواب مكانة الصدارة، مع توسيع مجال القانون، وتخويله اختصاصات جديدة، كفيلة بنهوضه بمهامه التمثيلية والتشريعية والرقابية. حكومة منتخبة بانبثاقها عن الإرادة الشعبية، المعبر عنها من خلال صناديق الاقتراع، وتحظى بثقة أغلبية مجلس النواب. تكريس تعيين الوزير الأول من الحزب السياسي، الذي تصدر انتخابات مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. تقوية مكانة الوزير الأول، كرئيس لسلطة تنفيذية فعلية، يتولى المسؤولية الكاملة على الحكومة والإدارة العمومية، وقيادة وتنفيذ البرنامج الحكومي. دسترة مؤسسة مجلس الحكومة، وتوضيح اختصاصاته. خامسا : تعزيز الآليات الدستورية لتأطير المواطنين، بتقوية دور الأحزاب السياسية، في نطاق تعددية حقيقية، وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية، والمجتمع المدني. سادسا : تقوية آليات تخليق الحياة العامة، وربط ممارسة السلطة والمسؤولية العمومية بالمراقبة والمحاسبة. وسابعا : دسترة هيآت الحكامة الجيدة، وحقوق الإنسان، وحماية الحريات. وتفاعل المعنيون مع خطاب الملك، منهم من صفق، ومنهم من طالب بالتريت في انتظار معرفة مضمون الوثيقة الدستورية المقبلة، في الوقت الذي حافظت حركة عشرين فبراير على نفسها واستراتيجيتها بالنزول إلى الشارع، والاستمرار في رفع نفس المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية. حينما تجسسوا على عبد الرحمان اليوسفي عندما بدأت الاستشارات الأولى لتكوين حكومة التناوب التوافقي، وفر لي الإخوان في الحزب، شقة في حي أكدال بالرباط، لعقد اللقاءات الأولى لمتعلقة بالمشاورات، قول عبد الرحمان اليوسفي في مذكراته التي صدرت رسميا يوم أمس بالرباط، ثم يقول أنه بعد ذلك بمدة، سرعان ما ستنكشف، أنه تم زرع أجهزة للتجسس وأخرى لتسجيل محتوى هذه المشاورات داخل الشقة، وبالنتيجة تم التخلي عنها واللجوء إلى أماكن أخرى متعددة لنفس الغرض. كانت المعركة حول الإعلام، يضيف اليوسفي، من أشرس المعارك التي تمت فيها المواجهة مع البصري، وقد عانى المرحوم الأستاذ محمد العربي المساري من جراء ذلك، لدرجة أنه قدم لي استقالته مرتين:« وقد تراجع عنهما بعد النقاش معه، وقد حاولت حثه على الاستمرار في مواجهة جيوب المقاومة، لأننا لم نأت من أجل المناصب، بل جئنا من أجل الإصلاح، وهو أمر جد صعب ومساره وعر ويتطلب جهدا وصبرا لا ينضبان».