تعتبر العداءة المغربية عزيزة الراجي صاحبة ال31 ربيعا مثالا للفتاة العصامية التي استطاعت أن تحصد ما يقارب ال50 لقباً محليا ودوليا في رياضة العدو للمسافات الطويلة معتمدة على نفسها ومتحدية لظروف مجتمعها. ترعرعت عزيزة في أحضان عائلة ريفية بسيطة بضواحي مدينة « قلعة مكونة » المعروفة بأقدم مهرجان للورود بجنوب المغرب. أرغمت الظروف الاجتماعية القاسية البطلة المغربية على مغادرة مقاعد الدراسة قبل ثماني سنوات، مدفوعة بحب رياضة الجري، عازمة على المضي قدماً في معانقة هضاب وتلال البلدة بحثاً عن هواء نقي يغذي رئتيها، متحدية ثقافة المجتمع المحافظ وعيون الرجال الذين لم يغيروا بعد نظرتهم للجنس الآخر ولم يقبلوا بعدُ ارتداء المرأة زي ألعاب القوى، يقول تقرير أنجزته وكالة « الأناضول » كان طريق عزيزة محفوفا بالصعاب التي أثنتها في العديد من المرات عن المشاركة في المحافل الرياضية الدولية، فقط لأنها لا تملك قيمة تذكرة السفر. كان مضمار سباقات الألعاب المدرسية أولى خطواتها في التألق والنجاح، أين فازت في سباق محلي بمدينة بومالن دادس القريبة من مسقط رأسها، وحصلت وقتها على مكافأة 40 دولاراً وهو المبلغ الذي أسعدها وحفزها على الاستمرار. فرضت العداءة المغربية نفسها في ألعاب القوى بالمغرب في المسافات الطويلة رغم كونها لم تنشأ يوماً في أي ناد رياضي ولَمْ تحظَ بأي تدريب تقني، فقد بلغت حد السيطرة على الصف الأول في ماراثون سلطنة عمان الدولي لثماني دورات متتالية، كما فازت بماراثون التحدي الدولي بزاكورة جنوب شرق المغرب، ثماني مرات متتالية. ولا تزال الراجي تسيطر على سباق طرانس أطلس الدولي « 265 كيلومتراً على ستة مراحل » والذي فازت به خمس مرات، إضافة إلى فوزها بالمراتب الثلاثة 70 كلم في ماراثون تافراوت الدولي بضواحي أغادير. وضمن مسارات التتويج حصلت العداءة على المرتبة الأولى على مستوى المغرب والخامسة من بين 700 مشاركة في ماراثون الرمال العالمي « 225 كلم » الذي ينظم بزاكورة المغربية، كما حصلت على المركزين الرابع والعاشر في مشاركتين بماراثون مراكش الدولي، وفازت بالمركز الأول بماراثون الأرز بمدينة إفران وتصدرت ماراثون توبقال ( 42 كلم ) ضواحي مراكش، بالإضافة إلى المركز الرابع في ماراثون الرباط وتصنف في بطولة المغرب للعدو الريفي في المركز 24. فوزها بعشرات المسابقات في ألعاب القوى وتتويجها من جانب العديد من الشخصيات البارزة في مجالات السياسة والرياضة والثقافة لم يفسح لها المجال لتنصَفَ ولو مرة واحدة، ولم يشفع لها كما قال متتبعون لمسارها في أن تحظى بالاهتمام المطلوب من جانب وسائل الإعلام المغربية. مثل أية فتاة بقريتها لا تزال عزيزة ملتزمة بجميع أعمال البيت كفتاة قروية تحكمها عادات وتقاليد المحيط الأمازيغي الذي نشأت فيه، بالإضافة إلى حرصها على التدريب في الجبال المحيطة بالقرية، مع أنها مهمة صعبة تلزمها الاحتياط لأمرها كونها تتدرب وحيدة وبدون أي مدرب. وعلى الرغم من تجاهل نجاحاتها من جانب القائمين على الشأن الرياضي تبقى الرياضة هي المورد الوحيد لعزيزة بالإضافة إلى مساعدة أسرتها لها، حيث تقول: « سر نجاحي هو تفهم إخوتي ووالدي رحمه الله لرغبتي وحبي للرياضة ولولا دعمهم المادي والنفسي لما حققت هذه الألقاب ». ولا تخفي عزيزة أنها تقترض أحياناً كي تتمكن من السفر للمشاركة في بعض التظاهرات الرياضية، حيث أكدت في تصريح ل »الأناضول »: « مؤخراً تلقيت دعوة من البرازيل للمشاركة في ماراثون دولي، ولم أستطع توفير تذكرة السفر، لقد حرمت من لقب جديد ». هذا وأضافت الراجي: « تقدمت في 26 ديسمبر 2017 بطلب يضم جميع إنجازاتي لمجلس الجهة بهدف الحصول على الدعم الممكن للمشاركة في ماراثون بقطر خلال الأسبوع الثاني من جانفي الجاري لكني لن أستطيع المشاركة دون الحصول على تذكرة السفر على الأقل ». للعلم، عادة ما تقدم وزارة الشباب والرياضة بالمغرب مكافآت مالية لأبطال الألعاب الفردية، غير أن أبطال تلك الألعاب يشكون من ضعف تلك المكافآت في ظل التكاليف المرتفعة للتدريب والمشاركة في المسابقات خارج البلاد.