ها نحن نعود السيد وزير العدل للمرة الثالثة، أو الرابعة للحديث عن معاناتنا مع مراحيض محاكم المملكة، التي هي مرفق عمومي يُفترض أن يوفر كل الخدمات التي يحتاجها المتقاضي، بدءاً من الاستقبالات ببهو المحاكم، وانتهاء بأحكام تُحققِّ العدل والإنصاف، ومروراً بالمراحيض لقضاء حاجاته الضرورية، لأنه حتى المنتزهات والشوارع العامة يتوجب أن تكون بها مراحيض حتى لا يتبوَّل ويتغوَّط المواطن بالطرقات وعلى جوانب الأسوار، دون الحديث عما يُلحقه ذلك السلوك غير المتحضِّر من أضرار وروائح كريهة، وعدم تشجيع السياحة الداخلية والخارجية، وهي أشياء معلومة تدخل في باب «توضيح الواضحات من المُفضحات». أخبركم السيد وزير العدل إنني «اعتقلت» داخل مرحاض يتيم لاتتوفر فيه أدنى المواصفات، اللَّهم اسم المرحاض، إذ أني لم انتبه إلى كون بابه لايتوفر على مقبض وأغلقته، لأكتشف للتَّو – دون قضاء أغراضي – بأني أصبحت مُحاصراً، فشرعت في الصيَّاح وضرب الباب بكل ما أوتيت من قُوَّة، وبعد حوالي 10 دقائق من الاستغاثة صعد موظف من الأرشيف وفتح علي الباب بمفتاحه الخاص، وشرع يلقنني دروسا في فتح الأبواب إذا كانت بدون مقبض ومفاتيح. ولا أخفيكم السيد الوزير أن حالة التَّبوّل التي كنت عليها لم يعد لها أي أثر في ظل الفزع الذي أُصبت به حينما حُوصرت في مرحاض محكمة الاستئناف بحي الرياض بالرباط، الذي يوجد عند مدخلها دون أن يتوفر على أبسط المقوِّمات، حيث إنه بدون حتى ماء، بينما المرحاض الآخر في جانبه مغلق، وعند مغادرة الموظفين مقر المحكمة يتم إغلاق الباب الرئيسي للمرحاض، وما على الراغبين في قضاء حوائجهم إلا الخروج للمقاهي المجاورة، التي يرفض أغلبها استعمال مراحيضهم إذا لم يطلبوا مشروبا، لأن المحاكمات يمكن أن تستمر إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، حينها يمكن للمتقاضي أن يقضي حاجته قرب مقر بناية المحكمة في فضاء الشارع العام، لأنه لا حرج عليه في ظل واقع لا يرتفع. وأتمنى من الفرق البرلمانية أن تولي مسألة المراحيض عموما، ومراحيض محاكمنا أولوية خاصة من خلال توجيه أسئلة إلى وزير العدل، باعتباره مازال وصيا على قطاع العدل بعيدا عن السلطة القضائية، وأن ذلك من أولويات خدمة المتقاضي والعاملين بجهاز القضاء، ولأن هناك صندوقا مُحدثا منذ التسعينيات تحت مسمى «تجديد المحاكم وتوسيعها»، وثالثا البحث عما إذا كانت هناك مساعدات دولية من أجل تحديث المحاكم، كما ندعو كل من الجمعيات المهنية للقضاة، ومنظمات حماية المستهلك، والجمعيات الحقوقية، وجمعية هيئات المحامين بالمغرب، عبر 17 هيئة بالدفع لتوفير خدمات جيِّدة بالمرفق القضائي، الذي يُعد من أكبر القطاعات المدرة لمداخيل مهمة على خزينة الدولة، ولاشك أن المراحيض تأتي على رأس هذه الخدمات سواء بالنسبة للمشتغلين في قطاع العدل أو المتقاضين، ومن يقول عكس ذلك عليه أن يُجرِّب يوما واحد بدون مرحاض.