أم سيدي الياقوت.. والدة محمد الخامس التي توفيت أسبوعا بعد نفيه عالم حريم قصر الملك محمد الخامس، كان عصيا على الاختراق، مثل عالم حريم أجداده تماما، والأكثر انغلاقا من عالم الحريم، كان عالم النساء القريبات جدا من الملك محمد الخامس، ممثلا بالأساس في والدته التي كانت تكنى ب"أم سيدي الياقوت". وتضيف يومية "الأخبار" في عددها ليومي السبت والأحد، 9و10 غشت، في ملف لها خصصته للحديث عن العالم السري لحريم القصور، أن الضربة الكبرى التي وجهتها فرنسا للملك محمد الخامس، كانت خطوة النفي خارج المغرب، ولم يكن أقسى منها على قلب الملك الراحل، إلا وفاة والدته، من شدة حزنها على ترحيل ابنها، وهي التي بقيت بالمغرب، ولم تغادره رفقة ابنها. في كتاب التاريخ السياسي للمغرب العربي الكبير، يفرد الراحل عبد الكريم الفيلالي، لهذا الموضوع بضع صفحات، ويقول: "ما كاد بن عرفة يدخل قصر الرباط ويصبح كاتبه الخاص هو الممرض علال الكردودي، حتى أخرج منه طريدا بلعنة الجماهير، حيث اخذ إلى مدينة فاس، وما كاد يدخل قصرها حتى توفيت حتى اول شهيدة وكانت هي جلالة الملكة الأم والدة محمد الخامس، أم سيدي الياقوت بعد أسبوع من اختطافه؛ توفيت بالقصر الملكي بمدينة فاس وذلك على الساعة الحادية عشرة من يوم الأحد 30 غشت 1953. وقد صدرت الأوامر عنوة بعدم نشر خبر موتها حتى تدفن في الظلام، لكن شاع الخبر في المدينة، حيث كان الرائح يقول للغادي همسا: ماتت أم سيدي الياقوت، وكان اول من ردد الخبر بالقصر الملكي بفاس أحد مؤسسي فرقة الوداد "احميدو" المعروف عند أهل فاس ب"أب أحمد"، وهو من أصل علوي شريف، لكنه نشأ وشب بين الخدم، ولسواد بشرته كان يحسب على العبيد، هذا الوفي هو الذي أجهش بالبكاء عندما سمع الخبر ولم تجف عيناه من العبارات حتى حين خرج إلى سوق فاس الجديد، حيث علم الناس منه بالخبر الذي لم يؤمر بكتمانه، وبذلك انتشر في ربوع المدينة. ومع ذلك كانت جنازة"أم سيدي" صامتة حيث ووري جثمانها في صمت بمقبرة الملوك العلويين بحومة المولى عبد الله المتصلة مع القصر بباب خلفي هو باب "البوجات". ولم يحضر إلى جنازتها سوى شيخ الإسلام والحاج إدريس الغزاوي، وعبد الدار الأب مرجان حيث دفنت جوار زوجها المولى رحم الله الجميع.