دعا البابا فرنسيس كبار الرهبان البوذيين في بورما إلى التغلب على « التعصب والكراهية » في البلد الذي تمزقه نزاعات طائفية بعدما أقام أول قداس بابوي فيه حضره 150 الف كاثوليكي الأربعاء. وحسب وكالة الأنباء الفرنسية هيمن تجنب الحبر الأعظم الحديث علنا عن الأزمة في ولاية راخين الشمالية ومعاملة بورما لأقلية الروهينغا المسلمة على زيارته التي تستمر أربعة أيام. وتحدث البابا فرنسيس في السابق بقوة دفاعا عن الأقلية التي تشير الأممالمتحدة وواشنطن إلى أنها تعرضت إلى حملة تطهير عرقي شنها الجيش البورمي بحقها ودفعت 620 ألفا إلى الفرار لبنغلادش منذ أواخرغشت. وقال البابا أمام الرهبان الذين ارتدوا اللون البرتقالي ويتبعون أعلى هيئة بوذية في بورما تسمى « سانغا ماها نايكا » إنه « من أجل أن نتحد، كما هو هدفنا، علينا التغلب على جميع أشكال سوء الفهم وعدم التسامح والتعصب والكراهية ». ولعب الرهبان المتشددون دورا رئيسيا في رفع منسوب الخوف من الإسلام في بورما وتشديد المواقف ازاء الروهينغا، وخلال الأشهر الأخيرة، تحركت « سانغا » للسيطرة عليهم خصوصا عبر منع محاضرات ويراثو، وهو راهب انتشرت خطاباته اللاذعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. ولدى استقباله بابا الفاتيكان، أعرب رئيس « سانغا » كومارابهيفامسا الذي يشرف على رهبان بورما المقدر عددهم بنحو 600 ألف، عن أسفه ل »التطرف والإرهاب » الذي يرتكب باسم الدين. – « مينغلابار » – وفي وقت سابق الأربعاء، ألقى البابا خطابا دعا فيه إلى الصفح اثناء قداس في الهواء الطلق وأمام حشود من الكاثوليكيين في رانغون ارتدى كثير منهم ملابس ملونة ترمز الى مختلف المجموعات العرقية في البلاد، وقالت مياو البالغة 81 عاما من أقلية آخا في ولاية شان « لم أكن أحلم بأن اراه في حياتي ». واصطفت راهبات ينشدن تراتيل باللاتينية على موسيقى آلة الارغن فيما كان البابا فرنسيس يلقي عظة حض فيها على الرحمة، بدأها بكلمة « مينغلابار » أي « مرحبا » بالبورمية. وقال أمام آلاف من أبناء الكنيسة الكاثوليكية البالغ عددهم 700 ألف شخص — هم جزء صغير من عدد سكان بورما البالغ 51 مليون نسمة — « أرى ان الكنيسة هنا مفعمة بالحياة ». واشار البابا في عظته الى أن عددا كبيرا من سكان بورما « يحملون جروح العنف، جروحا ظاهرة وغير ظاهرة »، لكنه حض المصلين على الامتناع عن الغضب والرد ب »الصفح والرحمة ». وحملت زيارته قيمة سياسية بقدر قيمتها الدينية في وقت تحاول بورما الدفاع عن نفسها بعد الغضب العالمي الذي واجهته على خلفية معاناة الروهينغا. وأجرى محادثات مغلقة مع الحاكمة المدنية اونغ سان سو تشي، وقائد الجيش الجنرال مينغ اونغ هلاينغ، اللذين يتقاسمان السلطة في الدولة بعد عقود من الحكم العسكري. وبدا البابا حذرا في تطرقه لمأساة الروهينغا ما سيريح قادة الكنيسة الكاثوليكية في بورما، الذين حثوه على تجنب الخوض في المسألة الشائكة خشية اثارة رد انتقامي من جانب المتشددين البوذيين. فحتى ذكر كلمة « روهينغا » يثير غضب كثيرين من الغالبية البوذية الذين لا يعترفون بهذه المجموعة على أنها أقلية ويصرون على تسمية افرادها « بنغاليين ». – نصر للبوذيين – وكانت ردود الفعل إزاء طريقة تعاطي البابا مع المسألة متضاربة اذ أعرب عدد من الروهينغا عن خيبة أملهم جراء تجنبه مواجهة الحكومة البورمية علنا بشأن معاناة الأقلية أو حتى ذكر اسمهم. لكن كياو مين، النائب السابق والناشط البارز المدافع عن الروهينغا، قال انه يتفهم الضغوط التي يواجهها البابا مضيفا انه تمكن من الحديث عن أزمة هذه الاقلية بشكل غير مباشر. وقال كياو مين لوكالة فرانس برس « قال ان بعض الاشخاص تعرضوا للترهيب ويجب ان يحصلوا على حقوقهم (…) المقصود بذلك الروهينغا ». لكن البوذيين القوميين المتشددين سارعوا إلى الاعلان أن الزيارة شكلت نصرا لهم. وقال العضو في احدى القوى البوذية سيتو مينت لوكالة فرانس برس « كنا قلقين قبل حضوره إلى هنا من أنه قد يتطرق إلى مسألة الروهينغا ». وأضاف « نشكره لعدم استخدامه كلمة +روهينغا+ (…) كان خطابه عن بورما جيدا ». أما الرهبان أصحاب التصريحات النارية، بمن فيهم ويراثو، فالتزموا الصمت قبيل زيارة البابا إلا أنهم تباهوا في السابق بأن حملتهم ضد الروهينغا نجحت في صد ما يعتبرونه تغلغلا إسلاميا. ويشكل المسلمون أقل من خمسة بالمئة من سكان بورما