أحكم الجيش في زيمبابوي سيطرته على البلاد الاربعاء فيما قال الرئيس روبرت موغابي الذي يحكم البلاد منذ نحو 40 عاما إنه « قيد الاقامة الجبرية » رغم نفي جنرالات الجيش القيام بانقلاب عسكري. وتراجعت سلطة موغابي البالغ 93 عاما ويحكم منذ عقود بعد ان انتشر الجيش في الطرق المؤدية الى البرلمان في هراري، وتلا ضباط كبار على التلفزيون الحكومي بيانا الى الامة. وقال الجنرال سيبوسيوي مويو من داخل الاستديو وقد جلس بجانبه ضابط آخر ان « هذا ليس انقلابا عسكريا على الحكومة ». وأكد البيان العسكري ان ما يقوم به الجيش هو مجرد « استهداف للمجرمين المحيطين » بالرئيس الممسك بزمام السلطة منذ 37 عاما، مشيرا الى انه « حالما ت نجز مهمتنا نتوقع عودة الوضع الى طبيعته ». ومساء الأربعاء، دعا الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش « الى الهدوء وعدم اللجؤ إلى العنف وضبط النفس » وفق ما نقل مساعد المتحدث باسمه فرحان الحق. وأضاف غوتيريش ان « الحفاظ على الحقوق الأساسية ومن بينها حرية التعبير والتجمع أمر في غاية الأهمية ». ودعا غوتيريش إلى حل « الخلافات السياسية بطريقة سلمية وعبر الحوار بما يتماشى مع دستور » زيمبابوي. في المقابل عبرت لندن عن موقف حذر ودعت إلى « عدم الانتقال من طاغية غير منتخب إلى آخر ». وقالت رئيسة الوزراء تيريزا ماي ان « الوضع لا يزال غامضا ونحن ندعو إلى ضبط النفس لدى كل الأطراف (…) والى تفادي العنف ». وتدخل الجيش للمرة الاولى في هذا البلد الفقير في جنوب القارة الافريقية، جاء وسط معركة خلافة روبرت موغابي الذي حكم البلاد بقبضة من حديد منذ استقلالها في 1980. واتهم حزب « زانو-بي اف » الحاكم الثلاثاء قائد الجيش الجنرال كونستانتينو شيونغا « بالخيانة » بعد ان انتقد موغابي لاقالته نائب الرئيس ايميرسون منانغاغوا الذي كان يعتبر خليفته المرجح. وإزاحة منانغاغوا أفسحت الطريق امام زوجة موغابي غريس (52 عاما) لتكون الرئيسة المقبلة — وهو ما يعارضه بشدة ضباط كبار في الجيش. وصباح الاربعاء حاصر جنود وعربات مدرعة البرلمان ومقر الحزب الحاكم والمحكمة العليا مانعين وصول اية سيارة اليها، بحسب مراسلي فرانس برس. وقالت حكومة جنوب افريقيا في بيان « تحدث الرئيس زوما في وقت سابق اليوم الى الرئيس روبرت موغابي الذي المح إلى انه قيد الاقامة الجبرية في منزله لكنه قال انه بخير ». وقال أحد السكان في وقت سابق لفرانس برس انه سمع اصوات تبادل كثيف لاطلاق النار قرب منزله « بعيد الساعة 02,00 صباحا » 00,00 ت غ. ورغم الحواجز التي نصبها الجيش فان العاصمة بدت عادية كامل النهار. وفي الشارع قال العديد من المواطنين أنهم فوجئوا باحداث الليلة الماضية. وقال كارين مفيلاني (طالب-21 عاما) « لا نعرف ماذا يعني كل هذا ولا نعرف ما علينا ان نفعل ». ومع نهاية نهار الاربعاء لازال الغموض يلف هوية من امسكوا بزمام السلطة في زيمبابوي. وندد الاتحاد الافريقي على لسان رئيسه الفا كوندي رئيس غينيا ب « ما يبدو انقلابا ». وطالب « باعادة النظام الدستوري فورا ». وعبر رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما ، أحد أبرز حلفاء موغابي، عن « قلقه الشديد » ازاء الوضع وقال بيان للحكومة ان « الرئيس جاكوب زوما بوصفه رئيس مجموعة التنمية لافريقيا الجنوبية سيرسل موفدين خاصين الى زيمبابوي » للقاء الرئيس والجيش. ولاحظ المحلل ديريك ماتيزاك ان « العسكريين يحاولون بصعوبة الاقناع بان ما يجري ليس انقلابا حتى يتفادوا غضب مجموعة التنمية والاتحاد الافريقي ». وبعد عدة ايام من التوتر الشديد شكلت عملية الجيش الذي اعتبر حتى الان من اعمدة النظام، تحديا لا سابق له لسلطة موغابي. ويعد الجنرال شيونغا ومنانغاغوا من الوجوه البارزة في الكفاح من اجل استقلال زيمبابوي المستعمرة البريطانية السابقة، اضافة الى موغابي. وقال المحلل تيوفيليس اشيمبونغ « ان الجيش سيتفاوض على الارجح على عملية انتقالية لمصلحة نائب الرئيس المقال ». ونائب الرئيس السابق منانغاغوا (75 عاما) اقيل من مهامه الاسبوع الماضي واجبر على التوجه للمنفى اثر صراع بينه وبين زوجة موغابي غريس (52 عاما) التي لا تخفي طوحها في خلافة زوجها. واتهم منانغاغوا زوجة موغابي بمحاولة تسميمه لتصفيته ما اثار رد فعل قوي منها أدى الى اقالته. وتعول السيدة موغابي المثيرة للجدل والمعروفة بنوبات الغضب وحبها للحياة المخملية وتدير رابطة المراة في الحزب الحاكم، على العديد من المعارضين في صلب الحزب الحاكم والحكومة. واشارت عدة انباء الاربعاء الى فرارها خارج البلاد لكن دون اي تأكيد. وموغابي الذي يراس نظاما متسلطا وقمعيا، اختاره حزبه الحاكم مرشحا له للانتخابات الرئاسية في 2018 رغم شيخوخته واعتلال صحته.