رغم المجهودات التي قام بها المغرب من أجل تسوية وضعية المهاجرين، وضمان اندماجهم في المجتمع المغربي، لازالت هناك العديد من التحديات والعراقيل التي تحول دون اندماجهم بشكل كامل، وفقا لنتائج دراسة قدمت اليوم الجمعة بالرباط، حول « الهجرة في المغرب: تحديات الاندماج ». وكشفت الدراسة، التي أعدتها منظمة « هيرنيش بول » الألمانية بشراكة مع « معهد الرباط للدراسات الاجتماعية »، وفريق من الباحثين من جامعة مولاي إسماعيل بمكناس، أن سياسة الهجرة الجديدة التي سنها المغرب في السنوات الأخيرة لا تضمن الحماية للمهاجرين، كما لا تسمح لهم بالولوج الى فرص الشغل، والسكن وباقي الخدمات الاجتماعية ». وأفادت ذات الدراسة، التي تتوفر « فبراير.كوم » على نسخة منها، أن سياسة الهجرة لا تولي أدنى أهمية لتأهيل الرأسمال البشري والثقافي والاقتصادي والاجتماعي للمهاجرين، وضمان اندماجهم، واسهامهم في الدينامية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمغرب »، مشيرة في هذا الصدد الى أن أهداف السياسة الجديدة للهجرة لازال يكتنفها الغموض، وعدم الوضوح سواء على المستوى الإداري أو بالنسبة للمهاجرين أنفسهم ». وأظهرت هذه الدراسة، التي أشرف على اعدادها الأساتذة « خالد مونة، نور الدين حرامي، ادريس مغراوي »، أن الخيارات الجديدة لسياسة الهجرة بالمملكة تبقى غير كافية لضمان اندماج المهاجرين، كما أن سن وتنفيذ السياسات العمومية في مجال الهجرة يقتضي تدخل مختلف الفاعلين »، لافتة الانتباه الى » تمركز الجمعيات والمنظمات التمثيلية لقضايا المهاجرين في المغرب بجهتي الدارالبيضاءسطاتوالرباط، وهو الأمر يحرم، حسب الدراسة، العديد من المهاجرين الأفارقة المتواجدين بالمغرب من حقهم في معرفة حقوقهم والالمام بها ». وحسب الدراسة نفسها، فهناك ضعف في الجانب المتعلق باندماج أطفال المهاجرين داخل المؤسسات التعليمية على الصعيد الجهوي والمحلي، بسبب بعض الإجراءات الإدارية المعقدة، علما بأن الولوج الى المدرسة يشكل أحد أهم العوامل التي تسهل اندماج المهاجرين داخل المجتمع المغربي ». ودعت دراسة المنظمة الألمانية الى اشراك مختلف فاعلي وأطر الإدارة الترابية في تنفيذ السياسة الجديدة للهجرة واللجوء، وضمان حكامة جيدة لعملية اندماج المهاجرين، كما يتعين على الدولة أن تولي للخدمات العمومية المقدمة للمهاجرين الأهمية اللازمة، وتحسيس الفاعلين التربويين المحليين بأهمية تسهيل عملية تمدرس أبناء المهاجرين ». وشدد ذات الدراسة على ضرورة أن تنخرط وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس العلمي الأعلى لإنجاح السياسة الجديدة للهجرة من خلال انشاء مؤسسات « الوقف » من أجل مرافقة المهاجرين بصفتهم عابري سبيل، وتعبئة أئمة المساجد للانخراط في توعية وتحسيس المواطنين بضرورة قبول الآخر ومحاربة كل أشكال التمييز ». وقدمت هذه الدراسة على هامش ملتقى » الهجرة، اللجوء وحقوق الانسان »، الذي تنظمه على مدى يومين بالرباط، منظمة « هيرنيش بول » الألمانية بشراكة مع « المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين »، والذي سيتميز بتنظيم عدد من الأنشطة الثقافية والفكرية.