ودعت فرنسا صباح أمس الأربعاء الوزيرة السابقة وأيقونة الحركة النسائية سيمون فاي، التي توفيت يوم الجمعة المنصرم عن عمر ناهز 89 عاما، وقد أقيم حفل تأبين سيمون بقصر « الأنفاليد » في باريس بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون وحكومة إدوار فيليب، إضافة إلى شخصيات أخرى من مختلف المجالات. وعرفت فاي، الناجية من المحرقة النازية، بدفاعها عن حق الإجهاض الذي تم تشريعه في 1975. وتقلدت سيمون العديد من المناصب ، أبرزها منصب وزيرة في حكومة جاك شيراك خلال ولاية الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان في 1974 ،ورئيسة للبرلمان الأوروبي في 1979. مع بداية الحرب العالمية الثانية،عام 1940، أوقفها البوليس النازي، وهو جهاز مخابرات ألماني أسسه أدولف هتلر من ضباط الشرطة المحترفين، في مدينة نيس الساحلية، و تم ترحيلها إلى معسكر الاعتقال الشهير » أوشفيتز » برفقة والدتها وأختها مادلين. وكان اسمها في ذلك الوقت « سيمون جاكوب » وهي ابنة مهندس معماري من أصول يهودية، حيث تقول فاي في كتاب لخصت فيه مسيرتها « الموكب الذي كان يقلنا إلى معسكرات اعتقال بمدينة أوشفيتز توقف على الطريق ليلا، تعرضنا إلى هجمات من قبل عسكريين ألمان والكلاب كانت تنبح بقوة ». وتابعت »كانت الرحلة عبارة عن كابوس لغاية وصولنا إلى معسكر الاعتقال، وفي الطريق، همست امرأة لسيمون فاي بصوت منخفض وقالت لها « إذا سألوك قولي بأن عمرك يبلغ 18 سنة واتبعت سيمون النصيحة، وكانت تبلغ من العمر آنذاك 16 عاما، ورددت نفس الجواب، الأمر الذي أنقذها طابور النساء اللواتي كان النظام النازي يخطط لحرقهن ،وذلك بالبقاء مع والدتها وأختها في طابور النساء اللواتي تم اختيارهن من أجل العمل. وفي عام 1945، نقلت سيمون ووالدتها وأختها إلى مركز آخر يدعى معتقل « بيرجن بيلسن »، لكن والدتها توفيت فيه إثر إصابتها بمرض « التيفوس ». وكان الموت أيضا من نصيب أبيها وأخيها في معسكر اعتقال في ليتوانيا، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لم يبق من عائلتها إلا أختين، وتوجب عليها أن تتعلم العيش مثل باقي الناس الذين عانوا من الاعتقالات النازية ومن الظروف الصعبة في المعتقلات. وتقول فاي في كتابها « حياة » ،الصادر عام 2009، عن حياتها « عائلتنا دمرت، أختي دونيز وأنا فقط عدنا إلى فرنسا. كنا شابتين وعلينا بناء حياة جديدة ». عادت سيمون إلى باريس، بعد نهاية الحرب في 1945، وحصلت على شهادة ليسانس في الحقوق وتزوجت في 1946 من » أنطوان فاي »، فيما قررت ترك مهنتها كمحامية لتنطلق في تجربة جديدة في مجال القضاء. دخلت سيمون عالم السياسة ،فى عام 1974، وتولت منصب وزيرة الصحة في حكومة « جاك شيراك » بعد انتخاب فاليري جيسكار ديستان رئيسا جديدا لفرنسا في نفس السنة. وكلفت سيمون بتقديم مشروع قانون أمام البرلمان لتشريع الإجهاض الاختياري للنساء الفرنسيات ،حدث إنه ساند جيسكار ديستان موقفها، لكن رغم ذلك عارضت الجمعية الوطنية الفرنسية هذا القانون وخرج الآلاف إلى الشوارع للتعبير عن معارضتهم له أيضا. وأصرت سيمون فى إستكمال مشروعها ،حتى صادق النواب الفرنسيون العام 1975 في تصويت تاريخي على قانون الإجهاض الذي صار يسمى نسبة إليها « قانون فاي ». وذكرت فرنسا عنها ،أن سيمون خرجت من هذه المعركة قوية، و منحت لها مكانا في قلوب الفرنسيين طيلة سنوات، حيث اختيرت في 2016 أفضل شخصية نسوية عندهم. كما تقلدت سيمون ،في عام 1993 ، منصب وزيرة دولة مكلفة بالشؤون الاجتماعية والصحة وشؤون المدينة، لتكون بذلك أول امرأة تحصل على رتبة وزيرة دولة في فرنسا.وفي 1997، عينت سيمون فاي رئيسة للمجلس الأعلى للاندماج بفرنسا ثم عضوا في المجلس الدستوري بين عامي 1998 و 2007، وأعلنت عن مساندتها للمرشح اليميني للانتخابات الرئاسية نيكولا ساركوزي. وتعد سيمون المرأة العاشرة التي دخلت الأكاديمية الفرنسية من مجمل 708 أكاديميين دخلوها منذ نشأتها، ودخلت هذه الهيئة وعلى حافة سيفها الأكاديمي رقم 78651 وهو الرقم الذي كان مرسوما على ذراعها عندما كانت سجينة في معتقل « أوشفيتز » النازي. وكانت سيمون فاي قد انضمت إلى نساء أخريات دخلن الأكاديمية، كمارجريت يورسنار وجاكلين دو رومييه وهيلين كارير دانكوس وفلورانس دولاي وآسيا جبار. وقالت يوم دخوله االأكاديمية الفرنسية « النساء لهن نظرة مغايرة للمجتمع، لذا من المهم أن تكون لهن رؤى عملية وواقعية مقارنة بالرجال.